بالإحراق، فخضوعي له منافٍ لحالي وممتنع مني، وإلزامي به جور، فكأنه قيل : فماذا أجيب ؟ فقيل :﴿قال فاخرج﴾ أي تسبب عن كبرك أني أقول لك : اخرج ﴿منها﴾ أي من دار القدس، قيل : السماءن وقيل : الجنة ﴿فإنك رجيم*﴾ أي مطرود إذ الرجم لا يكون إلا لمن هو بعيد يراد الزيادة في إبعاده بل إهلاكه، وعلة الإخراج أنها دار لا يقيم بها متكبر عاصٍ بمخالفة أمري، فإن لي الحاكم النافذ والعظمة التامة المقتضية لوجوب الطاعة، لا ينبغي لمن أمرته بما مر أن يتخلف عن أمري فضلاً عن أن يضرب لي الأمثال، ويواجهني بالجدال، طاعناً فيما لي من الجلال والجمال ؛ ثم أكد بُعده بالإخبار باستمراره فقال :﴿وإن عليك﴾ أي خاصة ﴿اللعنة﴾ أي الكاملة للقضاء بالمباشرة لأسباب البعد ﴿إلى يوم الدين*﴾ أي إلى يوم انقطاع التكليف وطلوع صبح الجزاء بفناء الخلق أجمعين وفوات الأمد التي تصح فيه التوبة التي سبب القربن فذلك إيذان بدوام الطرد، وتوالي البعد والمقتن فلا يتمكن في هذا الأمد من عمل يكون سبباً للقرب من حضرة الأنس، وجناب القدس، ومن منع من التوبةعن الكفر في وقتها يعلم قطعاً أنه لا يغفر له، فهو معذب أبداً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢١
ولما علم من هذا دوام لعنه، لأنه منع التقرب في دار العمل، وما بعد ذلك محل الجزاء لا العمل، وكان ذلك مفهماً لإنظاره إلى ذلك الحد، وكان ظاهره أن لعنه معني به، كان كأنه قيل : فماذا قال حين سمع ذلك ؟ فقيل :﴿قال﴾ ذاكراً صفة الإحسان والتسبب في سؤال الإنظار :﴿رب﴾ فاعترف بالعبودية والإحسان إليه، ولم يحمله ذلك على التوبة للحكم بدوام لعنه فلا يطمع طامع في إيمان من ختم بكفره بالإجابة إلى ما يقترح، وأتى بفاء السبب لما فهم من الإملاء فقال :﴿فأنظرني﴾ والإنظار : تأخير المحتاج للنظر في أمره ﴿إلى يوم يبعثون*﴾ فحمل يوم الدين على حقيقته، وأراد التصريح بالإنظار إليه ليأمن الموت.


الصفحة التالية
Icon