ولما أتم سبحانه شرح قوله :﴿وليعلموا أنما هو إله واحد﴾ وما تبعه من الدلالة على البعث، شرع في شرح ﴿وليذكر أولوا الألباب﴾ بقصة الخليل عليه السلام وما بعدها مع الوفاء بذكر المعاد، تارة تلويحاً وتارة تصريحاً، والرجز عن الاجتراء على طلب الإتيان بالملائكة عليهم السلام، والالتفات إلى قوله :﴿الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق﴾ [ إبراهيم : ٣٩] في أسلوب شارح لما تعقبه هذه القصة، فإن حصول القنوط سبب لآية المغفرة، والإخبار بعذاب الأمم تمثيل لآية العذاب ليزدجر المخاطبون، وأفراد لهم ذكر من هو أقرب إلى بلادهم ممن يعرفونه من المعذبين لأنه أوقع في النفس، فقال تعالى :﴿ونبئهم﴾ أي أخبرهم إخباراً عظيماً ﴿عن ضيف إبراهيم*﴾ والضيف هو المنضم إلى غيره لطلب القرى، فهؤلاء سموا بهذا الاسم لأنهم على صورة الضيف، فهو من دلالة التضمن ﴿إذ دخلوا عليه﴾ أي إبراهيم عليه السلام ﴿فقالوا﴾ أي عقب الدخول ﴿سلاماً﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢٥
ولما كان طلبهم في هذه الصورة للملائكة على وجه أوكد مما في سورة هود عليه السلام، أشار لهم إلى ما في رؤية الملائكة من الخوف ولو كانوا مبشرين وفي أحسن صورة من صور البشر - بقوله :﴿قال﴾ بلسان الحال أو القال :﴿إنا﴾ أي أنا ومن عندي ﴿منكم وجلون*﴾ وأسقط ذكر جوابه بالسلام، ولا يقدح ذلك فيما في سورة هود وغيرها من ذكره، فإن إذ ظرف زمان بمعنى حين، والحين قد يكون واسعاً، فيذكر ما فيه تارة جميعه على ترتيبه، وأخرى علىغير ذلك، وتارة بعضه مع إسقاط البعض مع صدق جميع وجوه الإخبار لكونه كان مشتملاً على الجميع، وتكون هذه التصرفات على هذه الوجوه لمعانٍ يستخرجها من أراد الله.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢٥


الصفحة التالية
Icon