ولما تقرر بهذا أمر إهلاكهم من غير تصريح ولا تعيين لوقت، قال تعالى :﴿وقضينا﴾ أي بما لنا من العظمة، موحين ﴿إليه﴾ أي خاصة ﴿ذلك الأمر﴾ وأشار إلى تعظيمه بالإشارة إليه بأداة البعد، ثم فسره بقوله :﴿أن دابر﴾ أي آخر ﴿هؤلاء﴾ أي الحقيرين عند قدرتنا، وأشار بصيغة المفعول إلى عظمته سبحانه وسهولة الأمر عنده فقال تعالى :﴿مقطوع﴾ حال كونهم ﴿مصبحين*﴾ ولا يقطع الدابر حتى يقطع ما دونه، لأن
٢٢٩
العدو يكون مستقبلاً لعدوه، فهو كنايةعن الاستئصال بأن آخرهم وأولهم في الأخذ سواء، لأن الآخذ قادر، لا كما يفعل بعض الناس مع بعض من أنهم يملون في آخر الوقائع فيفوتهم البعض.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢٩
فلما تم ما دار بينه وبين الرسل مقدماً لما بيّن، أتبعه البيان عن حال قومه إشارة إلى أن الملائكة إن كانوا بصفات البشر لم يعرفهم الكفرة، وإن كانوا بصفاتهم أو بإظهار شيء من خوارقهم لم تحتمله قواهم، فلا نفع لهم في مكاشفتهم في حالة من الحالات، فسؤالهم الإتيان بهم جهل عظيم، فقال تعالى :﴿وجاء أهل المدينة﴾ أي التي كان هذا الأمر فيها - قالوا : وهي سدوم - لإرادة عمل الفاحشة بالأضياف ﴿يستبشرون*﴾ أي يلوح على بشراتهم السرور، فهم يوجدونه لأنفسهم إيجاد من هو شديد الرغبة في طلبه، فكان حال لوط عليه السلام أن ﴿قال﴾ لهم :﴿إن هؤلاء﴾ أي الأقرباء مني ﴿ضيفي﴾.


الصفحة التالية
Icon