ولما كان إكرام الضيف إكراماً لمن هو عنده وإهانته إهانته، سبب عن ذلك ما أشار إليه الكلام فقال :﴿فلا تفضحون*﴾ في إصابتهم بفاحشة، وكان ذلك قبل معرفته أنهم ملائكة ﴿واتقوا الله﴾ أي الذي له جميع العظمة ﴿ولا تخزون*﴾ أي بإهانة ضيفي، فيكون ذلك عاراً عليّ مدى الدهر، فلم يكفهم ذلك بل ﴿قالوا﴾ بفظاظة، عاطفين على ما تقديره : ألم تعلم أنا لا نترك هذا الأمر لشيء من الأسباب :﴿أو لم ننهك﴾ أي من قبل هذا ﴿عن العالمين*﴾ أن تجبر علينا أحداً منهم، فما وصلوا إلى هذا الحد من الوقاحة، ذكر لهم الحريم ليحملهم ذلك على الحياء، لأنه دأب من له أدنى مروءة ولا سيما ذكر الأبكار في سياق يكاد يصرح بمراده، بأن ﴿قال هؤلاء﴾ مشيراً إلى بيته الذي فيه بناته ﷺ ورضي عنهن ﴿بناتي إن كنتم﴾ ولا بد ﴿فاعلين*﴾ أي قد عزمتم عزماً ماضياً على هذا الفعل، إشارة بأداة الشك إلى أن هذا الفعل مما لا ينبغي أن يفعل، يعني وأنتم عالمون بأني لا أسلم بناتي أبداً، فعلم من ذلك ان وصولكم إلى أضيافي دون هلاكي محال.
ولما ذكر ما ذكر من أمورهم وعظيم فجورهم، وهم قد فرغ من أمرهم وقضي باستئصالهم، كان كل من يعلم ذلك قاضياً بأنهم لا عقول لهم، فأتبع سبحانه ذلك ما
٢٣٠


الصفحة التالية
Icon