ولما كان السياق للمكذبين وما وقع لهم بتكذيبهم، قدم فاعل، فقال مشيراً إلى إتقان بيوتهم :﴿أصحاب الحجر﴾ وهم ثمود قوم صالح عليه السلام، وديارهم بين المدينة الشريفة والشام ﴿المرسلين*﴾ أي كلهم بتكذيب رسولهم كما كذب هؤلاء المرسلين بتكذيبك، لأن الرسل يشهد بعضهم لبعض بالصدق، فمن كذب واحداً منهم فقد كذب الجميع، وهم في إثبات الرسالة بالمعجزة على حد سواء ؛ ثم أتبع ذلك قوله : الآيات كلها خاصة، لا عن زينة الدنيا التي تجر إلى الباطل ﴿معرضين*﴾ أي راسخين في الإعراض، لم يؤمنوا بها، التفاتاً إلى قوله تعالى ﴿ولو فتحنا عليهم باباً من السماء﴾ - الآيتين، وتمثيلاً له رداً للمقطع على المطلع ؛ ثم أخبر أنهم كانوا مثل هؤلاء في الأمن من العذاب والغفلة عما يراد بهم مع أنهم كانوا أشد منهم فقال :﴿وكانوا ينحتون﴾ والنحت : قلع جزء بعد حزء من الجسم على سبيل المسح ﴿من الجبال﴾ التي تقدم أنا جعلناها رواسي ﴿بيوتاً ءامنين*﴾ عليها من الإنهدام، وبها من لحاق ما يكره، لا كبيوتكم التي لا بقاء لها على أدنى درجة ﴿فأخذتهم﴾ أي فتسبب عن تكذيبهم أن أخذتهم أخذ العذاب والانتقام ﴿الصيحة﴾ حال كونهم ﴿مصبحين*﴾ أي داخلين في الصبح ﴿فما﴾ أي فتسبب عن الصيحة أنه ما ﴿أغنى﴾ أي أجزأ ﴿عنهم ما كانوا﴾ أي بجبلاتهم ﴿يكسبون*﴾ من البيوت والأعمال والعدد والآلات الخبيثة، لأنه لا يعجزنا شيء لأنه لا كلفة علينا فيما نفعل ﴿إنما نقول له كن فيكون﴾ وفعلنا بهم ذلك لأنهم كانوا على باطل، فكان تعذيبنا لهم حقاً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٢
٢٣٣


الصفحة التالية
Icon