سورة النحل
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٤٢
﴿بسم الله﴾ المحيط بدائرة الكمال فما شاء فعل ﴿الرحمن﴾ الذي عمت نعمته جليل خلقه وحقيره وصغيره وكبيره ﴿الرحيم *﴾ الذي خص من شاء بنعمة النجاة مما يسخطه بما يرضاه.
لما ختم الحجر بالإشارة إلى إتيان اليقين، وهو صالح لموت الكل، ولكشف الغطاء بإتيان ما يوعدون مما يستعجلون به استهزاء من العذاب في الآخرة بعد ما يلقون في الدنيا، ابتدأ هذه بمثل ذلك سواء، غير أنه ختم تلك باسم الرب المفهم للإحسان لطفاً بالمخاطب، وافتتح هذه باسم الأعظم الجامع لجميع معاني الأسماء لأن ذلك أليق بمقام التهديد، ولما ستعرفه من المعاني المتنوعة في أثناء السورة، وسيكرر هذا الاسم فيها تكريراً تعلم منه صحة هذه الدعوى، وعبر عن الآتي بالماضي إشارة إلى تحققه تحقق ما وقع ومضى، وإلى أن كل آتٍ ولا بد قريب، فقال تعالى :﴿أتى أمر الله﴾ أي الملك الأعطم الذي له الأسماء الحسنى، والصفات العلى، بما يذل الأعداء، ويعز الأولياء، ويشفي صدورهم، ويقر أعينهم.
٢٤٣
ولما كانت العجلة نقصاً، قال مسبباً عن هذا الإخبار :﴿فلا تستعجلوه﴾ أيها الأعداء استهزاء، وأيها الأولياء استكفاء واستشفاء، وذلك مثل ما أفهمه العطف في قوله تعالى ﴿وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم﴾ كما تقدم ؛ والضمير يجوز أن يكون لله وأن يكون للأمر.