ولما كان البعث متضمناً معنى القول، كان المعنى : فذهبوا إليهم قائلين :﴿أن اعبدوا الله﴾ أي الملك الأعلى وحده ﴿واجتنبوا﴾ أي بكل جهدكم ﴿الطاغوت﴾ كما أمركم رسولنا ﴿فمنهم﴾ أي فتسبب عن إرسال الرسل أن كانت الأمم قسمين : منهم ﴿من هدى الله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة، للحق فحقت له الهداية فأبصر الحق وعمل به باتباع الدعاة الهداة فيما أمروا به عن الله، فحقت له الجنة ﴿ومنهم من حقت﴾ أي ثبتت غاية الثبات ﴿عليه الضلالة﴾ بأن أضله الله فنابذ الأمر فلم يعمل به وعمل بمقتضى الإرادة، فإن الأمر قد لا يكون ما تعلق به، والإرادة لا بد أن يكون ما تعلقت به، وقد يكون موافقها عاملاً بالضلالة فحق عليه عذابها فحقت له النار فهلك، لأنه لم تبق له حجة يدفع بها عن نفسه، فلو كان كل ما شاءه حقاً كان الفريقان محقين فلم يعذب أحدهما، لكنه لم يكن الأمر كذلك، بل عذب العاصي ونجى الطائع في كل أمة على حسب ما قال الرسل، وهذا هو معنى رضي الله، إطلاقاً لاسم الملزوم على اللازم، فدل ذلك قطعاً على صدق الرسل وكذب مخالفيهم، فالآية من الاحتباك : ذكر فعل الهداية أولاً دليلاً على فعل الضلال ثانياً دليلاً على حقوق الهداية أولاً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٦٧