على خلق، وهو مما يدرك سمعاً لأن الخلق مرئي والأمر مسموع ﴿وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون﴾ [النحل : ٦٣-٦٤-٦٥] هذه آية حياة القلوب بنور العلم والحكمة الذي أخذ سمعاً عند تقرر الإيمان، وعند هذا الحد يتناهى العقل إلى فطرة الأشد وتعلو بداهته وتترقى فطره إلى نظر ما يكون آية في نفس الناظر لأن محار غيب الكون يرد إلى مجدان نقص الناظر، وكما أن الماء آية حياة القلوب صار الشرابان : اللبن والخمر، آيتين على أحوال تخص القلوب بما يغذوها من الله غذاء اللبن وينشيها نشوة السكر، منبعثاً من بين فرث ودم ونزول الخلق المقام عن الأمر القائم عليه ﴿وإن لكم في الأنعام لعبرة﴾ - الآيتين إلى قوله تعالى :﴿إن في ذلك لآية لقوم يعقلون﴾ وهذا العقل الأعلى، وأفرد الآية لانفراد موردها في وجد القلب، وكما للعقل الأدنى فكرة تنبئ عن بداهته فكذلك للعقل الأعلى فكرة تنبئ عن عليّ فطرته ﴿وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر - إلى قوله : لآية لقوم يتفكرون﴾ وهذا العقل الأعلى هو اللب الذي عنه يكون التذكر بالأدنى من الخلق لللأعلى من الأمر
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٨٥