ولما بين سبحانه حاصل امرهم في البعث وما بعده، وما من أهم المهم أمرهم في الموقف مع شركائهم الذين كانوا يترجمهم، عطف على ذلك قوله تعالى :﴿وإذا رءا﴾ أي بالعين يوم القيامة ﴿الذين أشركوا﴾ فأظهر أيضاً الوصف المناسب للمقام ﴿شركاءهم﴾ أي الآلهة التي كانوا يدعونها شركاء ﴿قالوا ربنا﴾ يا من أحسن إلينا وربانا! ﴿هؤلاء شركاؤنا﴾ أضافوهم إلى أنفسهم لأنه لا حقيقة لشركتهم سوى تسميتهم لها الموجب لضرهم ؛ ثم بينوا المراد بقولهم :﴿الذين كنا ندعوا﴾ أي نعبد.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٩٩
ولما كانت المراتب متكثرة دون رتبته سبحانه لأن علوه غيرمنحصر، أدخل الجار فقال تعالى :﴿من دونك﴾ ليقربونا إليك، فأكرمنا لأجلهم جرياً على منهاجهم في الدنيا في الجهل والغباوة، فخاف الشركاء من عواقب هذا القول والإقرار عليه سطوات الغضب ﴿فألقوا﴾ أي الشركاء ﴿إليهم﴾ أي المشركين ﴿القول﴾ أي بادروا به حتى كان إسراعه إليهم شيء ثقيل يلقى من علو ؛ وأكدوا قولهم لأنه مطاعنة لقول المشركين فقالوا :﴿إنكم لكاذبون*﴾ في جعلنا شركاء وأنا نستحق العبادة أو نشفع أو يكون لنا أمر نستحق به أن نذكر ﴿وألقوا﴾ أي الشركاء ﴿إلى الله﴾ أي الملك الأعلى ﴿يومئذ﴾ أي يوم القيامة إذ نبعث من كل أمة شهيداً ﴿السلم﴾ أي الانقياد والاستسلام بما علم به الكفار أنهم من جملة العبيد لا أمر لهم أصلاً، فأصلد زندهم، وخاب قصدهم، وقيد بذلك اليوم لأنهم كانوا في الدنيا - بتزيين الشياطين لأمورهم ونطقهم على ألسنتهم - بحيث يظن عابدوهم أن لهم منعة، ويهم قوة ويجوز أن يكون ضمير " ألقوا " للمشركين ﴿وضل عنهم﴾ أي عن الكفار ﴿ما كانوا﴾ أي بجبلاتهم ﴿يفترون*﴾ أي يتعمدون من
٣٠٠


الصفحة التالية
Icon