وعن جابر رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول :"لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه.
" ولما كان المعول عليه غالباً في إدراك الآيات حس السمع والبصر، وكان تمام الانتفاع بذلك إنما هو بالعلم، وكان سبحانه قد خص هذا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كمال الحس مما يعد معه حس غيره عدماً، عبر عن ذلك كله بقوله تعالى :
٣٢٩
﴿إنه﴾ أي هذا العبد الذي اختصصناه بالإسراء ﴿هو﴾ أي خاصة ﴿السميع﴾ أي أذناً وقلباً بالإجابة لنا والإذعان لاوامرنا ﴿البصير*﴾ بصراً وبصيرة بدليل ما أخبر به من الآيات، وصدقه من الدلالات، حين نعت ما سألوه عنه من بيت المقدس ومن أمر عيرهم وغيرهما مما هو مشهور في قصة الإسراء مما كان يراه وهو ينعت لهم وهم لا يرونه ولا يقاربون ذلك ولا يطمعون فيه، وقال من كان دخل منهم إلى بيت المقدس : أما النعت والله فقد أصاب، أخبرنا عن عيرنا، فأخبرهم بعدد جمالها، وأحوالها وقال : تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق، فخرجوا ذلك اليوم نحو الثنية يشتدون، فقال قائل : هذه والله الشمس قد طلعت، فقال آخر : وهذه والله العير قد أقبلت، يقدمها جمل أورق كما قال محمد، ثم لم يؤمنوا وقالوا : إن هذا إلا سحر مبين.
قال الإمام الرازي في اللوامع : وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبصرجميع ما في الملكوت بالعين المبصرة مشاهدة لم يتسرب فيه حتى روي أنه قال :"رأيت ليلة أسري بي إلى العلى الذرة تدب على وجه الأرض من سدرة المنتهى.
" وذلك لحدة بصره، والبصر على أقسام : بصر الروح، وبصرالعقل الذي منه التوحيد، وبصر لحدة الذي خص به الأولياء وهو نور الفراسة، وبصر النبوة، وبصر الرسالة.


الصفحة التالية
Icon