وقال في التوراة إشارة إلى هذه المرة الأخيرة - والله أعلم - بعد ما مضى من الإشارة إلى المرة الأولى سواء : وإن لم تحفظ وتعمل بجميع الوصايا والسنن التي كتبت في هذا الكتاب لتتقي الله ربك وتهاب اسمه المحمود المرهوب، يخصك الرب بضربات موجعة ويبتليك بها ويبتلي نسلك من بعدك، وينزل بك جميع الضربات التي أنزلها بأهل مصر تدوم عليك، وكل وجع وكل ضربة لم تكتب في هذا الكتاب يبتنليك الله بها حتى تهلك وتبقى من نسلك عدد قليل من بعد كثرتهم التي كانت قد صارت مثل نجوم السماء، لأنك لم تسمع قول الله ربك، فيكون كما فرحكم الرب وأنعم عليكم وكثركم يستأصلكم بالعقاب والنكال، ويدمر عليكم ويتلفكم، وتجلون عن الأرض التي تدخلونها لترثوها، ويفرقكم الرب بين جميع الشعوب من أقطار السماء إلى أقطارها، وتعبدون هناك الآلهة الأخرى التي عملت من الحجارة والخشب لم تعرفوها أنتم ولا آباؤكم، ولا تسكنون أيضاً بين تلك الشعوب ولا تكون راحة لأقدامكم، ولكن يصير الله قلوبكم فزعة مرتجفة، ويبتليكم بظلمة العين وسيلان الأنفس، وتكون حياتكم معلقة حيالكم من بعيد ؛ وتكونون فزعين الليل والنهار، ولا تقصدون أنكم تعيشون، بالغداة تقولون : متى نمسي ؟ وبالعشي تقولونك متى نصبح ؟ وذلك من ذرعت قلوبكم وخوفكم ومن ظلمة أبصاركم وقلة حيلتكم، ويردكم الله إلى أرض مصر في سفن على الحال يشتريكم، هذه أقوال العهد التي أمر الله بها موسى أن يعاهد بني إسرائيل في أرض موآب سوى العهد الذي عاهدهم بحوريب - انتهى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣٧