فلم يقبل الخرواج ولا رجعوا غير أن جماعة من الكهنة والرؤساء تم لهم الخروج إلى الروم فآمنهم وأحسن إليهم، فمنع الخوارج من بقي، وضبطوا الطرق، فبكى اليهود وشكوا منع الخوارج لهم من الخروج، فأراد الخوارج قتلهم فبادر الروم ليخلصوهم فهجموا إلى القدس فقاتلوهم قتالاً شديداً فانهزم الروم، وأدتهم الهزيمة إلى داخل القدس الأعظم قدس الأقداس، فقتلهم اليهود فيه، فاختار طيطوس من عسكره ثلاثين ألفاً وأمرهم أن يدخلوا إلى صحن القدس لمحاربتهم، وأراد هو الدخول معهم فمنعه أصحابه وقالوا : قف على موضع عال لتقوى قلوب أصحابك، ويبذلوا المجهود في القتال، ولا تخاطر بنفسك وبنا، واتفق رأيهم على بيات، فعلم بذلك اليهود فلم يناموا تلك الليلة، فلما أصبحوا افترق اليهود على أبواب صحن القدس وأقاموا على مقاتلة الروم سبعة أيام، فقتلوا منهم جماعة كثرة وأبعدوهم عن القدس، فأمر طيطوس أصحابه بالكف عنهم ليفيهم الجوع، وكان بقرب القدس قصر عظيم من بناء سليمان بن داود عليهما السلام، ثم زاد فيه ملوك البيت الثاني طبقة عالية من الخشب الحسن ووزروا جميع الجدر بالخشب، فطلوا جميع ما فيه من الخشب بالنفط والكبريت والزفت، ثم أخفوا فيه رجلاً منهم ليشعل النار في مواضع من ذلك الخشب إذا دخله الروم، وكان يفه باب خفي يخرج إلى مضوع آخر لا يفطن له إلا من يعرفه، ثم مضوا إلى عسكر الروم ليلاً وهم في القدس فناوشوهم، فاجتمع عليهم من الروم خلق كثير فقاتلوهم ساعة، ثم انهزموا فدخلوا هذا القصر، فدخل الروم وراءهم فلم يجدوا أحداً منهم، فصعدوا إلى الطبقة العالية، فخرج اليهودي الذي كان قد اختفى، فاختلط بهم وأطلق النار في تلك المواضع، فاضطرمت النار في جميع جوانبه فبادر الروم إلى الباب
٣٦١


الصفحة التالية
Icon