فوجدوا اليهود قد سدوه بسيوفهم فهلكوا، وكان فيهم جماعة من وجوه الروم، فخاف الروم من اليهود ولم يأمنوا أن يحتالوا عليهم بأمر آخر، فخرجوا من القدس والمدينة ورجعوا إلى معسكرهم، فأمر طيطوس بضبط الطرق والتضييق عليهم ليهلكهم الجوع فمات أكثرهم، وخرج كثر من أصحاب الخوارج إلى طيطوس فقتلهم، ثم دخلت الروم إلى بيت الله فلم يجدوا من يمانعهم، وكان طيطوس قد أكد على أصحابه في أن لا يحرقوا القدس فقال له رؤساء أصحابه : إنك إن لم تحرقه لم تتمكم من اليهود، لانهم لا يزالون يقاتلون ما كان باقياً، فغذا أحرق ذهب عزهم فانكسرت قلوبهم فلم يبق لهم ما يقاتلون عنه، فقالك لا تحرقوه إلا أن آمركم، وكان في طريقه باب مغشى بصفائح الفضة وهو مغلق، فأحرقه بعض الروم ليأخذوا الفضة، فلما احترق وجدوا الطريق إلى القدس الأجل، فدخلوه وحملوا أصنامهم فنصبوها فيه، فخرج قوم ممن بقي من اليهود في الليل إلى أولئك الذي في القدس فقتلوهم، فلما بلغ ذلك طيطوس جاء إلى القدس فقتل أكثر من وجد فيه من اليهود، وهرب من بقي منهم إلى جبل صهيون، فلما كان العد أحرق الروم أبواب قدس الأقداس، وكانت مغشاة بالذهب، فلما سقطت كبروا وصرخوا صراخاً عظيماً، فجاء طيطوس مسرعاً ليمنع من إحراقه لم يتم له ذلك، قبل أن يحترق، فلما رأى حسنه وبهجته تحير وتعجب وقال : حقاً إن هذا البيت الجليل ينبغي أن يكون بيت الله غله السماء ومسكن جلاله ونوره، وإنه ليحق لليهود أن يحاربوا عنه ويستقلوا عليه، ولقد أصابت الأمم وأحسنت فيما كانت تفعله من إعظام هذا البيت وإكرامه وحمل الهدايا إليه، وإنه لأعظم نم هيكل رومية ومن جيمع هياكل الأمم التي شاهدناها وبلغنا خبرها، وما أردت إحراقه ولكن هم فعلوا ذلك بشرهم ولجاجهم، وكان من بقي من الكهنة لما رأوا الحريق حاربوا الروم عنه، فملا علموا أنهم عاجزون عن دفعهم قالوا : ما نريد أن نبقي بعده فطرحوا أنفسهم في النار فهلكوا، ومضى عند ذلك من بقي من