الجميع ويقطع دابرهم، وفي ذكر قصة موسى والخضر إشارة لهم لو عقلوا، وتحريك لمن سبقت له منهم السعادة، وتنبيه لكل موفق ي تسليم الإحاطة لمن هو العليم الخبير، وبعد تقريعهم وتوبيخهم بما أشير إليه عاد الكلام إلى بقية سؤالهم فقال تعالى ﴿يسئلونك عن ذي القرنين﴾ إلى آخر القصة، وليس بسط هذه القصص من مقصودنا وقد حصل، ولم يبق إلا السؤال عن وجه انفصال جوابهم ووقوعه في السورتين مع أن السؤال واحد، وهذا ليس من شرطنا فلننسأه بجول الله إلى موضعه إن قدر به - انتهى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤١
وقد تقدم في سورة الإسراء من الجواب عن هذا أن الروح ضمت إليها، لأنه من سر الملكوت كالإسراء، وبقي أنه لما أجمل سبحانه أمرها لما ذكر من عظيم السر، وعيب عليهم اشتغالهم بالسؤال وترك ما هو من عالمها، وهو أعظم منها ومن كل ما برز إلى الوجود من ذلك العالم من الروح المعنوي الذي به صلاح الوجود
٤٤٥
كله، وهو القرآن العظيم، وعظم أمره بما ذكر في الإسراء إلى أن اقتضى الحال في إنهاء عظمته أن يدل على إصلاح الوجود به بما حرره وفصله وقرره من أمر السؤالين الباقيين اللذين هما من ظاهر الملك فيما ضم إليهما مما تم به الأمر، واتضح به ما له من جليل القدر، كان الأكمل في ذلك أن يكون ما انتظم به ذلك سورة على حدتها، ولما كان أمر أهل الكهف من حفظ الروح في الجسد على ما لم يعهد مثله ثم إفاضتها، قدم الجواب عن السؤال عنهم ليلي أمر الروح، وختم بذي القرنين لإحاطة أمره بما طاف من الأرض، ولما جعل من السد علماً على انقضاء شأن هذه الدار وختام أمرها، وطي ما برز من نشرهاـ والله سبحانه وتعالى أعلم.