ولما نهوا رسلهم عن الإشعار بهم عللوا ذلك فقالوا :﴿إنهم﴾ أي أهل المدينة ﴿إن يظهروا﴾ أي يطلعوا عالين ﴿عليكم يرجموكم﴾ أي يقتلوكم أخبث قتله إن استمسكنم بدينكم ﴿أو يعيدوكم﴾ قهراً ﴿في ملتهم﴾ إن لنتم لهم ﴿ولن تفلحوا إذاً﴾ أي إذا عدتم فيها مطمئنين بها، لأنكم وإن أكرهتم ربما استدرجكم الشيطان بذلك إلى الإجابة حقيقة ﴿أبداً*﴾ أي فبعثوا أحدهم فنظر الأزكى وتلطف في الأمر، فاسترابوا منه لأنهم أنكروا ورقة لكونها من ضرب ملك لا يعرفونه فجهدوا به فلم يشعر بهم أحداً من المخالفين، وإنما أشعر بهم الملك لما رآه موافقاً لهم في الدين لأنه لم يقع النهي عنه ﴿وكذلك﴾ أي فعلنا بهم ذلك الأمر العظيم من الربط على قلوبهم، والستر لأخبارهم والحماية من الظالمين والحفظ لأجسامهم على مر الزمان، وتعاقب الحدثان، ومثل ما فعلنا بهم ذلك ﴿أعثرنا﴾ أي أظهرنا إظهار أضرارياً، أهل البلد وأطلعناهم، وأصله أن الغافل عن الشيء ينظر إليه إذا عثر به نظر إليه فيعرفهن فكان العثار سبباً لعلمه به فأطلق اسم السبب على المسبب ﴿عليهم ليعلموا﴾ أي أهل البلد بعد أن كان حصل لبعضهم شك في حشر الأجساد لأن اعتقاد اليهود والنصارى أن البعث إنما هو للروح فقط ﴿أن وعد الله﴾ الذي له صفات الكمال بالبعث للروح والجسد معاً ﴿حق﴾ لأن قيامهم بعد نومهم نيفاً وثلاثمائة سنة مع خرق العادة بحفظ أبدانهم عن الفناء من غير أكل ولا شرب مثل قيام من مات بجسمه الذي كان سواء على أن مطلق النوم دال على ذلك كما قال بعض العارفين " علمك باليقظة بعد النوم علم بالبعث بعد الموت، والبرزخ واحد غير أن للروح بالجسم في النوم تعلقاً لا يكون بالموتـ وتستيقظ على ما نمت عليه كذلك تبعث على ما مت عليه " ولما كان من الحق ما قد يداخله شك قال تعالى :﴿وأن﴾ أي وليعلموا أن ﴿الساعة لا ريب فيها﴾ مبيناً أنها ليست موضع شك أصلاً لما قام علهيا من أدلة العقل، المؤيد في كل عصر بقواطع النقل، ومن طالع تفسير