( الزيتون) من كتابي هذا حصل له هذا ذوقاً ؛ ثم بين أن هذا الإعثار أتاهم بعلم نافع حال تجاذب وتنازع فقال :﴿إذ﴾ أي ليعلموا ذلك، وأعثرنا حين ﴿يتنازعون﴾ أي أهل المدينة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٧
ولما كان التنازع في الغالب إنما يكون ما بين الأجانب، وكان تنازع هؤلاء مقصوراً عليهم كان الأهم بيان محله فقدمه فقال تعالى :﴿بينهم أمرهم﴾ أي أمر أنفسهم في
٤٥٨
الحشرفقائل يقول : تحشر الأرواح مجردة : وقائل يقول : بأجسادها، أو أمر الفتية فقائل يقول : ناس صالحون، وناس يقولون : لا ندري من أمرهم غير أن الله تعالى أراد هدايتنا بهم ﴿فقالوا﴾ أي فتسبب عن هذا الإعثار أو التنازع أن قال أكثرهم :﴿ابنوا عليهم﴾ على كل حال ﴿بنياناً﴾ يحفظهم، واتركوا التنازع فيهم، ثم عللوا ذلك بقولهمك ﴿ربهم﴾ أي المحسن إليهم بهدايتهم وحفظهم وهداية الناس بهم ﴿أعلم بهم﴾ أن كانوا صالحين أو لا، وأما أنتم فلا طريق لكم إلى علم ذلك ؛ ثم استأنف على طريق الجواب لمن كأنه قال : ماذا فعلوا ؟ فقال :﴿قال الذين غلبوا على﴾ أي وقع أن كانوا غالبين على ﴿أمرهم﴾ أي ظهروا عليه وعلموا أنهم ناس صالحون فروا بدينهم من الكفار وضعف من ينازعهم ؛ ويجوز - وهو أحسن - أن يكون الضمير لأهل البلد أو للغالبين أنفسهم، إشارة إلى أن الرؤساء منهم وأهل القوة كانوا أصلحهم إيماء إلى أن الله تعالى أصلح بهم أهل ذلك الزمان ﴿لنتخذن عليهم﴾ ذلك البيان الذي اتفقنا عليه ﴿مسجداً*﴾ وهذا دليل على أنهم حين ظهروا عليهم وكلموهم أماتهم الله بعد أن علموا أن لهم مدة طويلة لا يعيش مثلها أحد في ذلك الزمان، وقبل أن يستقصوا جميع أمرهم، وفي قصتهم ترغيب في الهجرة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٧


الصفحة التالية
Icon