ولما قدم ما يجب عليه من نفسه منبهاً به لصاحبه، ثم ما يجب عليه من التصريح بالإرشاد في أسلوب مقرر أن الأمر كله لله، لأحد غيره، أنتج قوله تعالى :﴿إن ترن﴾ أي أيها المفتخر بما له عليّ! ﴿أنا﴾ ولما ذكر مفعول (ترى) الثاني فقال :﴿أقل منك﴾ وميز القليل بقوله :﴿مالاً وولداً*﴾ أي من جهة المال والولد الذي هو أعز نفر الإنسان.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٩
ولما أقر المؤمن بالعجز والافتقار، في نظير ما أبدى الكافر من التقوى والافتخار، سبب عن ذلك ما جرت به العادة في كل جزاء، داعياً بصورة التوقع فقال تعالى :﴿فعسى ربي﴾ المحسن إليّ ﴿أن يؤتين﴾ من خزائن رزقه ﴿خيراً من جنتك﴾ فيحسن إليّ بالغنى كما أحسن إليّ بالفقر المقترن بالتوحيد، المنتج للسعادة ﴿ويرسل عليها﴾ أي جنتك ﴿حسباناً﴾ أي مرامي من الصواعق والبرد الشديد ﴿من السماء﴾.
ولما كانت المصابحة بالمصيبة أنكى ما يكون، قال تعالى :﴿فتصبح﴾ بعد كونها قرة للعين بما تهتز به من الأشجار والزروع ﴿صعيداً زلقاً*﴾ أي أرضاً يزلق عليها لملاستها باستئصال نباتها، فلا ينبت فيها نبات، ولا يثبت فيها قدم ﴿أو يصبح ماؤها غوراً﴾ وصف بالمصدر لأنه أبلغ ﴿فلن تستطيع﴾ أنت ﴿له طلباً*﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٩