﴿لله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿الحق﴾ أي الثابت الذي لا يحول يوماً ولا يزول، ولا يغفل ساعة ولا ينام، ولا ولاية لغيره بوجه - هذا على قراءة الجماعة بالجر على الوصف وهو في قراءة أبي عمرو والكسائي بالرفع على الاستئناف والقطع تقليلاً، تنبيهاً على أن فزعهم في مثل هذه الأزمات إليه دون غيره برهان قاطع على أنه الحق وما سواه باطل، وأن الفخر بالعرض الزائل من أجهل الجهل، وأن المؤمنين لا يعيبهم فقرهم ولا يسوغ طردهم لأجله، وأنه يوشك أن يعود فقرهم غنى وضعفهم قوة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٠
ولما علم من ذلك من أنه آخذ بأيدي عبيدة الأبرار وعلى أيدي عصاته الأشرار، قال تعالى :﴿هو خير ثواباً﴾ لمن أثابه ﴿وخير عقباً*﴾ أي عاقبة عظيمة، فإن فعلا - بضمه وبضمتين - من صيغ جموع الكثرة فيفيده ذلك مبالغة وإن لم يكن جمعاً، والمعنى أنه أي ثوابه لأوليائه خير ثواب وعقباه خير عقبى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٠
ولما أتم المثل لدنياهم الخاصة بهم التي أبطرتهم، فكانت سبب إشقائهم وهم يحسبون أنها عين إسعادهم ضرب لدار الدنيا العامة لجميع الناس في قلة بقائها وسرعة فنائها، وأن من تكبر بها كان أخس منها فقال تعالى :﴿واضرب لهم﴾ أي لهؤلاء الكفار امغتربين بالعرض الفاني، المفتخرين بكثرة الأموال والأولاد وعزة النفر ﴿مثل الحياة الدنيا﴾ أي التي صفتها - التي هم بها ناطقون - تدل على أن ضدها الأخرى، في ينوعها
٤٧١