ولما كانوا في غاية الاستبعاد لأن يحال بينهم وبين معبوداتهم، قال في مظهر العظمة :﴿وجعلنا بينهم﴾ أي المشركين والشركاء ﴿موبقاً *﴾ أي هلاكاً أو موضع هلاك، فاصلاً حائلاً بينهم، مهلكاً قوياً ثابتاً حفيظاً، لا يشذ عنه منهم أحد، وإنما فسرته بذلك لأنه مثل قوله تعالى ﴿فزيلنا بينهم﴾ [يونس : ٢٨] أي بالقلوب أي جعلنا ما كان بينهم من الوصلة عداوة، ومثل قوله تعالى ﴿ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذاباً ضعفاً من النار﴾ [ الأعراف : ٣٨] ﴿هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك﴾ [ النحل : ٨٦] ونحوه، لأن معنى ذلك كله أنه يبدل ما كان بينهم من الود في الدنيا والوصلة ببغض وقطيعة كما قال تعالى ﴿ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً﴾ [ العنكبوت : ٢٥] وأن كل فريق يطلب للآخر الهلاك، فاقتضى ذلك اجتماع الكل فيه، هذا ما يرشد إلى المعنى من آيات الكتاب، ونقل ابن كثير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال : هو واد عميق فرق به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضلالة، وقال الحسن البصري : عداوة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٦
وأما أخذه من اللفظ فلأن مادة وبق - يائية وواوية مهموزة وغير مهموزة، ولها أحد عشر تركيباً : واحد يائي : بقي، وستة واوية : قبو، قوب، بقو، بوق، وقب، وبق، وأربعة مهموزة : قبأ، قأب، بأق، أبق - كلها تدور على الجمع، وخصوصاً ترتيب وبق يدور على الحائل بين شيئينن ويلزمه القوة والثبات والحفظ والهلاك قوة أو فعلاً، لأن من حيل بينه وبين شيء فقد هلك بفقد ذلك الشيء بالفعل إن كان الحائل موتاً، وبالقوة
٤٧٧


الصفحة التالية
Icon