ولما قدم الكلام على البعث، واستدل عليه بابتداء الخلق، ثم ذكر بعض أحواله، ثم عقبه بما ضرب لذلك وغيره من الأمثالن وصرف من وجوه الاستدلال، وختم ذلك بأنه يمهل عند المساءةـ عقب ذلك بأنه كذلك يفعل عند المسرة، فلكل شيء عنده كتاب، وكل قضاء بقدر حسابن فذكر قصة موسى مع الخضر عليهما السلام وما اتفق له في طلبهن وجعله سبحانه له الحوت آية وموعداً للقائهن ولو أراد سبحانه لقرب المدى ولم يحوج إلى عناء، مع ما فيها من الخارق الدال على البعث، ومن الدليل على أن من ثبت فضله وعلمه لا يجوز أن يعترض عليه إلا من كان على ثفة مما يقوله من ربه ولا أن يمتحن، ومن الإرشاد إلى ذم الجدل بغير علم، ووجوب الانقياد للحق عند بيانه، وظهور برهانه، ومن إرشاد من استنكف ان يجالس فقراء المؤمنين بما اتفق لموسى عليه السلام من أنه - وهو كليم الله - أتبع الخضر عليه السلام ليقتبس من علمه، ومن تبكيت اليهود بقولهم لقريش لما أمروهم بسؤال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إن لم يخبركم فليس بنبي " الموهم للعرب الذين لا يعلمون شيئاً أن من شرط النبي أن لا يخفى عليه شيء، مع ما يعلمون من أن موسى عليه السلام خفي عليه جمع ما فعله الخضر عليه السلام، وإلى نحو هذا أشار الخضر عليه السلام بقوله إذ وقع العصفور على حرف السفينة ونقر من البحر نقرة أونقرتين "ما نقص علمي وعلمك يا موسى من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من البحر" وبإعلامهم بما يعلمونه من أن موسى عليه السلام جعل نفسه تابعاً للخضر عليه السلام، تكذيباً لهم في ادعائهم أنه ليس أحدأعلى من موسى عليه السلام في وصف من الأوصاف، وأنه لا ينبغي لأحد اتباع غيره،
٤٨٥