الدنيا فيقول" - الحديث، قال :﴿ثلاث ليال﴾ أي بأيامها - كما ذلك عليه التعبير بالأيام في آل عمران حال كونك ﴿سوياً *﴾ من غير خرس ولا مرض ولا حبسة عن مطلق الكلام، بل تناجي ربك فيها بتسبيحه وتحميده وتلاوة كتابه وكل ما أردت من مثل ذلك وكذا من عدا الناس من الملائكة وغيرهم من صالح عباد الله، وجعلت الآية الدالة عليه سكوتاً عن غير ذكر الله دلالة على إخلاصه وانقطاعه بكليته إلى الله دون غيره ﴿فخرج﴾ عقب إعلام الله له بهذا ﴿على قومه﴾ أي عالياً على العلية منهم ﴿من المحراب﴾ الذي كان فيه وهو صدر الهيكل وأشرف ما فيه، وهو منطلق اللسان بذكر الله منحبسه عن كلام الناس ﴿فأوحى إليهم﴾ أي أشار بشفتيه من غير نطق : قال الإمام أبو الحسن الرماني في آل عمران : والرمز : الإيماء بالشفتين، وقد يستعمل في الإيماء بالحاجبين والعينين واليدين، والأول أغلب ؛ قال : وأصله الحركة.
وسبقه إلى ذلك الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري فقال : وأما الرمز فإن الأغلب من معانيه عند العرب الإيماء بالشفتين، وقد يستعمل في الإيماء بالحاجبين والعينين أحياناً، وذلك غير كثير فيهم، وقدي قال للخفي من الكلام الذي مثل الهمس بخفض الصوت الرمز.
ثم نقل أن المراد به هنا تحرك الشفتين عن مجاهد - انتهى.
وهو ظاهر أيضاً في الوحي لأنه مطلق الإشارة والكناية والكلام الخفي، فيجوز أن يكون وحيه بكل منهما، لا يقدر على غير ذلك في مخاطبته للناس، فإذا توجه إلى مناجاة ربه سبحانه انطلق أحسن انطلاق ﴿أن سبحوا﴾ أي أوجدوا التنزيه والتقديس لله تعالى بالصلاة وغيرها ﴿بكرةوعشياً *﴾ فحملت امرأته كما قلنا فولدت ولداً فسماه يحيى كما بشرناه به فكبر حتى ميز فقلنا :﴿يا يحيى خذ الكتاب﴾ أي التوراة ﴿بقوة﴾.