ولما كان ذلك أمراً صعباً عليها جداً، كان كأنه قيل : يا ليت شعري! ما كان حالها ؟ فقيل :﴿قالت﴾ لما حصل عندها من خوف العار :﴿ياليتني مت﴾ ولما كانت كذلك أشارت إلى استغراق الزمان بالموت بمعنى عدم الوجود فقالت من غير جار :﴿قبل هذا﴾ أي الأمر العظيم ﴿وكنت نسياً﴾ أي شيئاً من شأنه أن ينسى ﴿منسياً *﴾ أي متروكاً بالفعل لا يخطر على بال، فولدته ﴿فناداها من تحتها﴾ وهو عيسى عليه السلام ﴿ألا تحزني﴾ قال الرازي في اللوامع : والأصح أن مدة حملها له وولادته ساعة لأنه كان مبدعاً، ولم يكن من نطفة تدور في أدوار الخلقة - انتهى.
ونقله ابن كثير وقال :ﷺ أنهم أنكروا عليها زمن الحمل، ولو علموا به لأنكروه ولو أنكروه لنقل كما نقل إنكار الولادة.
ولما أنكروا الولادة فكأنها قالت : لم لا أحزن ؟ وتوقعت ما يعلل به ؟ قال :﴿قد جعل ربك﴾ أي المحسن إليك ﴿تحتك﴾ في هذه الأرض التي لا ماء جارياً بها ﴿سرياً *﴾ جدولاً من الماء جليلاً آية لك تطيب نفسك ﴿وهزي إليك﴾ أي أوقعي الهز وهو جذب بتحريك.


الصفحة التالية
Icon