النسطورية، وقال ملكاً : عيسى أحد ثلاثة : الله إله، ومريم إله، وعيسى إله، فكذبه الرابع واتبعه طائفة، وقال إسرائيل : عيسى عبد الله كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فاتبعه فريق من بني إسرائيل، ثم اقتتل الأربعة فغلب المؤمنون وقتلوا وظهرت اليعقوبية على الجميع - ذكر معناه أبو حيان وابن كثير ورواه عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ﴿فويل﴾ أي فتسبب عن اختلافهم أنا نقول : ويل ﴿للذين كفروا﴾ منهم ومن غيرهم ﴿من مشهد يوم عظيم *﴾ في جمعه لجميع الخلائق، وما فيه من الأهوال والقوارع.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٣٢
ولما كان ذلك المشهد عظيم الجمع، شديد الزحام مستوي الأرض، بعيد الأرجاء، كان حاله مقتضياً لئلا يطلعوا على غير ما يليهم من أهواله، فقال في جواب من يقول : وما عسى أن يسمعوا أو يبصروا فيه، معلماً بأن حالهم في شدة السمع والبصر جديرة بأن يعجب منها :﴿أسمع بهم وأبصر﴾ أي ما أشد سمعهم وما أنفذ بصرهم! ﴿يوم يأتوننا﴾ سامعين لكل أهواله، مبصرين لسائرأحواله، فيطلعون بذلك على جميع ما أدى عمله في الدنيا إلى ضرهم في ذلك اليوم، وجميع ما كانم ينفعهم لو عملوه، فيندمون حيث لا ينفعهم الندم، ويتمنون المحال من الرجوع إلى الدنيا ونحوه ليتداركوا فلا يجابون إلى ذلك، بل يسلك بهم في كل ما يؤذيهم ويهلكهم ويرديهم، فيكونون بسلوك ذلك - وهم يعلمون ضرره عمياً وبكماً وصمّاً، لأنهم لا ينتفعون بمداركهم كما كانوا في الدنيا كذلك، لكنهم - هكذا كان الأصل، وإنما ظهر فقال :﴿لكن الظالمون﴾ تنبيهاً على الوصف الذي أحلهم ذلك المحل ﴿اليوم في ضلال مبين *﴾ لايسمعون ولايبصرون.
لوما كان هذا الذي تقدم إنذاراً بذلك المشهد، كان التقدير : أنذر قومك ذلك المشهد وما يسمعونه فيه ويبصرونه ﴿وأنذرهم يوم الحسرة﴾ نفسه في ذلك المشهد العظيم، يوم تزل القدم، ولا ينفع الندم، للمسيء على إساءته، وللمحسن على عدم ازدياده من الإحسان.