ولما كان ﴿يوم﴾ مفعولاً، لا ظرفاً، أبدل منه، أو علل الإنذار فقال :﴿إذ﴾ أي حين، أو لأنه، وعبر عن المستقبل بالماضي، إيذاناً بأنه أمر حتم لا بد منه فقال :﴿قضي الأمر﴾ أي أمره وفرغ منه بأيسر شأن وأهون أمر، وقطعنا أنه لا بد من كونه
٥٣٤
﴿وهم﴾ حال من ﴿أنذرهم﴾ أي والحال أنهم الآن ﴿في غفلة﴾ عما قضينا أن يكون في ذلك الوقت من أمره، لا شعور لهم بشيء منه، بل يظنون أن الدهر هكذا حياة وموت بلا آخر ﴿وهو لا يؤمنون *﴾ بأنه لا بد من كونه ؛ وفي الصحيح ما يدل على أن يوم الحسرة حين يذبح الموت فقد روى مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :"يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيقال : يا أهل الجنة! هل تعرفون هذا، فيشرئبون وينظرون ويقولون : نعم! هذا الموت، ويقال : يا أهل النار! هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون : نعم! هذا الموت، فيؤمر به فيذبح، ثم يقال : يا أهل الجنة! خلود فلا موت، ويا أهل النار! خلود فلا موت، " ثم قرأ رسول الله ﷺ وفي وراية : فذلك قوله ﴿وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر﴾ " الآية.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٣٤
وأما الغفلة ففي الدنيا، روى ابن حبان في صحيحه عن النبي ﷺ ﴿إذ قضي الأمر وهم في غفلة﴾ قال "في الدنيا.
" قال المنذري : وهو في مسلم بمعناه في آخر حديث.
ولما كان الإرث هو حوز الشيء بعد موت أهله، وكان سبحانه قد قضى بموت الخلائق أجمعين، وأنه يبقى وحده، عبر عن ذلك بالإرث مقرراً به مضمون الكلام السابق، فقال مؤكدا تكذيباً لقولهم : إن الدهر لا يزال هكذا، حياة لقوم وموت لآخرين ﴿إنا نحن﴾ بعظمتنا التي اقتضت ذلك ولا بد، وأفاد الأصبهاني أن تأكيد اسم ﴿إن﴾ أفاد أن الإسناد إليه سبحانه لا إلى أحد من جنده ﴿نرث الأرض﴾ فلا ندع بها عامراً من عاقل ولا غيره.