ثم ناداه باسمه لا بلفظ النبوة المذكر بالشفقة والعطف زيادة في الإشارة إلى المقاطعة وتوابعها فقال :﴿يا إبراهيم﴾ ثم استأنف قوله مقسماً :﴿لئن لم تنته﴾ عما أنت عليه ﴿لأرجمنك﴾ أي لأقتلنك، فإن ذلك جزاء المخالفة في الدين، فاحذرني ولا تتعرض لذلك مني وانته ﴿واهجرني﴾ أي ابعد عني ﴿ملياً﴾ أي زماناً طويلاً لأجل ما صدر منك هذا الكلام، وفي ذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتأسية فيما كان يلقى من الأذى، ويقاسي من قومه من العناء، ومن عمه أبي لهب من الشدائد والبلايا - بأعظم آبائه وأقربهم به شبهاً ﴿قال﴾ أي إبراهيم عليه السلام مقابلاً لما كان من طيش الجهل بما يحق لمثله من رزانة العلم :﴿سلام عليك﴾ أي أنت سالم مني ما لم أومر فيك بشيء ؛ ثم استأنف قوله :﴿سأستغفر﴾ بوعد لا خلف فيه ﴿لك ربي﴾ أي المحسن إليّ بأن أطلب لك منه غفران ذنوبك بأن يوفقك للاسلام الجابّ لما قبله، لأن هذا كان قبل أن يعلم أنه عدو لله محتوم بشقاوته بدليل عدم جزمه بعذابه في قوله :﴿إني أخاف أن يمسك﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٣٦


الصفحة التالية
Icon