وهو قريب مما قال ابن قتيبة، لأن أصل الكلام عبراني، وإنما نقله إلى العربي المترجمون، فكل ترجم على قدر فهمه من ذلك اللسان، ويؤيد أن المراد الجنة ما في مجمع الزوائد للحافظ نور الدين الهيثمي عن معجمي الطبراني - الأوسط والأصغر إن لم يكن موضوعاً : حدثنا محمد بن واسط ثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ثنا حجاج بن محمد بن أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد ابن أسلم عن عبيد الله بن أبي رافع عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال :"إن إدريس عليه السلام كان صديقاً لملك الموت فسأله أن يريه الجنة والنار، فصعد بإدريس فأراه النار ففزع منها، وكاد يغشى عليه فالتف عليه ملك الموت بجناحه، فقال ملك الموت : أليس قد رأيتها ؟ قال : بلى! ولم أر كاليوم قط، ثم انطلق به حتى أراه الجنة فدخلها فقال له ملك الموت : انطلق! قد رأيتها، قال : إلى أين ؟ قال ملك الموت : حيث كنت، قال إدريس : لا والله! لا أخرج منها بعد إذ دخلتهان فقيل لملك الموت : أليس أنت أدخلته إياها وأنه ليس لأحد دخلها أن يخرج منها.
٥٤٢
" وقال : لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، وقال الحافظ نور الدين : إبراهيم المصيصي متروك.
قلت وفي لسان الميزان لتلميذه شيخنا حافظ العصر ابن حجر عن الذهبي أنه كذاب، وعن ابن حبان أنه كان يسوي الحديث، أي يدلس تدليس التسوية.
وفي تفسير البغوي عن وهب قريب من هذا، وفيه أنه سأل ملك الموت أن يقبض روحه ويردها إليه بعد ساعة، فأوحى الله إليه أن يفعل، وفيه أنه احتج في امتناعه من الخروج بأن كل نفس ذائقة الموت وقد ذاقه، وأنه لا بد من ورود النار وقد وردها، وأنه ليس أحد يخرج من الجنة، فأوحى الله إلى ملك الموت : بإذني دخل الجنة - يعني : فخلِّ سبيله - فهو حي هناك.


الصفحة التالية
Icon