ولما كان من المقاصد العظيمة تبكيت اليهود، لأنهم أهل الكتاب وعندهم من علوم الأنبياء ما ليس عند العرب وقد استرشدوهم واستنصحوهم، فقد كان أوجب الواجبات عليهم محض النصح لهم، فأبدى سبحانه من تبكيتهم ما تقدم إلى أن ختمه بأن جميع الأنبياء كانوا لله سجداً ولأمره خضعاً، عقب ذلك بتوبيخ هو أعظم داخل فيه وهو أشد مما تقدم لمن خاف الله ورسله فقال :﴿فخلف من بعدهم﴾ أي في بعض الزمان الذي بعد هؤلاء الأصفياء سريعاً ﴿خلف﴾ هم في غاية الرداءة ﴿أضاعوا الصلاة﴾ الناهية عن الفحشاء والمنكر التي هي طهرة الأبدان، وعصمة الأديان، وأعظم الأعمال، بتركها أو تأخيرها عن وقتها والإخلال بحدودها، فكانوا لما سواها أضيع، فأظلمت قلوبهم فأعرضوا عن داعي العقل ﴿واتبعوا﴾ أي بغاية جهدهم ﴿الشهوات﴾ التي توجب العار في الدنيا والنار في الآخرة، فلا يقربها من يستحق أن يعد بين الرجال، من تغيير أحكام الكتاب وتبديل ما فيه مما تخالف الأهواء كالرجم في الزنا، وتحريم الرشى والربا، ونحو ذلك، وأعظمه كتم البشارة بالنبي العربي الذي هو من ولد إسماعيل
٥٤٥


الصفحة التالية
Icon