﴿فسوف يلقون﴾ أي يلابسون - وعدا لا خلف فيه بعد طول المهلة - جزاء فعلهم هذا ﴿غيّاً *﴾ أي شراً يتعقب ضلالاً عظيماً، فلا يزالون في عمى عن طريق الرشاد لا يستطيعون إليه سبيلاً، وهم على بصيرة من أنهم على خطأ وضلال، ولكنهم مقهورون على ذلك بما زين لهم منه حتى صارت لهم فيه أتم رغبة، وذلك أعظم الشر، ولم يزل سبحانه يستدرجهم بالنعم إلى أن قطعوا بالظفر والغلبة حتى أناخت بهم سطوات العزة، فأخذوا على غرة، ولا أنكأ من الأخذ على هذه الصفة بعد توطين النفس على الفوز، وهو من وادي قوله ﴿ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً﴾ [ الإسراء : ٩٧] مع قوله ﴿أسمع بهم وأبصر﴾ وجزاء من كان هذا ديدنه في الدنيا والآخرة معروف لكل من له أدنى بصيرة أنه العار ثم النار، وأيضاً فإن من ضل أخطأ طريق الفلاح من الجنة وغيرها فخاب، ومن خاب فقد هلك ؛ قال أبو علي الجبائي : والغي هو الخيبة في اللعنة - انتهى.
ويجوز أن يراد بالغي الهلاك، إما من قولهم - أغوية - وزن أثفية - أي مهلكة، وإما من تسمية الشيء باسم ما يلزمه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٤١


الصفحة التالية
Icon