ولما كانوا بهذا الإعلام، المؤكد بالإقسام، من ذي الجلال والإكرام، جديرين بإصغاء الأفهام، إلى ما يوجه إليها من الكلام، التفت إلى مقام الخطاب، إفهاماً للعموم فقال :﴿وإن﴾ أي وما ﴿منكم﴾ أيها الناس أحد ﴿إلا واردها﴾ أي داخل جهنم ؛ ثم استأنف قوله :﴿كان﴾ هذا الورود ؛ ولما كان المعنى أنه لا بد من من إيقاعه، أكده غاية التأكيد فأتى بأداة الوجوب فقال :﴿على ربك﴾ الموجد لك المحسن إليك بإنجاء أمتك لأجلك ﴿حتماً﴾ أي واجباً مقطوعاً به ﴿مقتضياً *﴾ لا بد من إيقاعه ؛ قال الرازي في اللوامع : ما من مؤمن - إلا الأنبياء - إلا وقد تلطخ بخلق سوء ولا ينال السعادة الحقيقية إلا بعد تنقيته، وتخليصه من ذلك إنما يكون بالنار.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٥٠
ولما كان الخلاص منها بعد ذلك مستبعداً، قال مشيراً إليه بأداة البعد :﴿ثم ننجي﴾ أي تنجية عظيمة على قراءة الجماعة، ومطلق إنجاء على قراءة الكسائي، وكأن ذلك باختلاف أحوال الناس مع أن المطلق لا ينافي المقيد ﴿الذين اتقوا﴾ أي كانوا متقين منها بأن تكون عليهم حال الورود برداً وسلاماً ﴿ونذر الظالمين﴾ أي نترك على أخبث الأحوال الذين وضعوا الأشياء في غير مواضعها واستمروا في على ذلك فكانوا في أفعالهم خابطين كالأعمى ﴿فيها جثياً *﴾ كما كانوا حولها لا يهتدون إلى وجه يخلصون به منها.
٥٥٢


الصفحة التالية
Icon