ولما تضمن هذا من التهديد بذلك اليوم ما يقطع القلوب، فيوجب الإقبال على ما ينجي منه، عجب من حال من كفر به، موبخاً له، منكراً عليه، عاطفاً على ما أرشد إليه السياق فقال معبراً عن طلب الخير بالرؤية التي هي الطريق إلى الإحاطة بالأشياء علماً وخبرة، وإلى صحة الخبر عنها :﴿أفرءيت﴾ أي أرأيت الذي يعرض عن هذا اليوم فرأيت ﴿الذي﴾ زاد على ذلك بأن ﴿كفر بآياتنا﴾ الدالات على عظمتنا بالدلالات البينات ﴿وقال﴾ جراءة منه وجهلاً ؛ أو يقال : إنه لما هول أمر ذلك اليوم.
وهتك أستار مقالاتهم، وبين وهيها، تسبب عن ذلك التعجيبُ ممن يقول :﴿لأوتين﴾ أي والله في الساعة على تقدير قيامها ممن له الإيتاء هنالك ﴿مالاً وولداً *﴾ أي عظيمين، فلم يكفه في جهله تعجيز القادر حتى ضم إليه إقدار العاجز.
ولما كان ما ادعاه لا علم له به إلا بأحد أمرين لا علم له بواحد منهما، أنكر عليه قوله ذلك بقوله :﴿أطلع الغيب﴾ الذي هو غائب عن كل مخلوق، فهو في بعده عن الخلق كالعالي الذي لا يمكن أحداً منهم الاطلاع عليه، وتفرد به الواحد القهار ﴿أم اتخذ﴾ أي بغاية جهده ﴿عند الرحمن﴾ العام الرحمة بالإنعام على الطائع والانتقام من العاصي ثواباً للطائع ﴿عهداً *﴾ عاهده عليه بأنه يؤتيه ما ذكر بطاعة فعلها له على وجهها ليقف سبحانه فيه عند قوله.
ولما كان كل من الأمرين : إطلاع الغيب واتخاذ العهد، وكذا ما ادعاه لنفسه، وما يلزم عن اتخاذ العهد من القرب، منتفياً قال :﴿كلاًّ﴾ أي لم يقع شيء من هذين الأمرين، ولا يكون ما ا دعاه فليرتفع عنه صاغراً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٥٤


الصفحة التالية
Icon