ولما استغرق بما ذكر جميع ذواتهم وأحوالهم، وكان الشريك من قام بشيء من العمل أو المعمول فيه، وكان من المعلوم أنه ليس لشركائهم في شيء من ذلك النوع صنع، قال منكراً عليهم :﴿هل من﴾ ولما كان إشراكهم بما اشركوا لم تظهر له ثمرة إلا في أنهم جعلوا لهم جزءاً من أموالهم، عبر بقوله :﴿شركائكم﴾ أي الذين تزعمونهم
٦٣٠
شركاء ﴿من يفعل من ذلكم﴾ مشيراً إلى علو رتبته بأداة البعد والخطاب الكل.
ولما كان الاستفهام الإنكاري التوبيخي في معنى النفي، قال مؤكداً له مستغرقاً لكل ما يمكن منه ولو قل جداً :﴿من شيء﴾ أي يستحق هذا الوصف الذي تطلقونه عليه.
ولما لزمهم قطعاً أن يقولوا : لا وعزتك! ما لهم ولا لأحد منهم في شيء من ذلك من فعل، أشار إلى عظيم ما ارتكبوه بما نتجه هذا الدليل، فقال معرضاً عنهم زيادة في التعظيم والعظمة، منزهاً لنفسه الشريفة منها على التنزيه ببعد رتبته الشماء من حالهم :﴿سبحانه﴾ أي تنزه تنزهاً لا يحيط به الوصف من أن يكون محتاجاً إلى شريك، فإن ذلك نقص عظيم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٣٠
ولما كان من أخبر بأنه فعل شيئاً أو يفعله كالإماتة والإحياء بالبعث وغيره لا يحول بينه وبينه المقاوم من شريك ونحوه، قال :﴿تعالى﴾ أى علواً لا تصل إليه العقول، كما دلت عليه صيغة التفاعل، وجرت قراءة حمزة والكسائي بالخطاب على الأسلوب الماضي، وأذنتقراءة الباقين بالغيب بالإعراض للغضب في قوله معبراً بالمضارع غشارة إلى أن العاقل من شأنه أنه لا يقع منه شرك اصلاًن فكيف إذا كان على سبيل التجدد والاستمرار :﴿عما يشركون*﴾ في أن يفعلوا شيئاً من ذلك أو يقدروا بنوع من أنواع القدرة على أن يحولوا بينه وبين شيء مما يريد ليستحقوا بذلك أن يعظموا نوع تعظيم، فنزهوه بالبراءة من كل معبود سواه.