ولما كان حفظ الاستقامة عزيزاً، أعاد التخويف لحفظ أهلها، فقال ميسراً الأمر بعدم استغراق الزمان بإثبات الجار، إشارة إلى الرضا باليسير من العمل ولو كان ساعة من نهار، بشرط الاتصال بالموت :﴿من قبل﴾ وفك المصدر للتصريح قال :﴿أن يأتي يوم﴾ أي عظيم، وهو يوم القيامة، أو الموت، وأشار إلى تفرده سبحانه في الملك بقوله :﴿لا مرد له﴾ ولفت الكلام في رواية قنبل من مظهر العظمة إلى أعظم منه لاقتضاء المقام ذلك وأظهر في رواية الباقين لئلا يتوهم عود الضمير إلى الدين فقال :﴿من الله﴾ وإذا لم يرده هو لوعده بالإتيان به، وه ذو الجلال والإكرامن فمن الذي يرده.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٣٠
ولما حقق إتيانه، فصل أمره مرغباً مرهباًن فقال :﴿يومئذ﴾ أي إذ يأتي ﴿يصدعون*﴾ أي تتفرق الخلائق كلهم فرقة قد تخفى على بعضهم بما أشار إليه الإدغام، فيقولون : ما لنا لا نرى دجالاً كنا نعدهم من الأشرار.
ولما كان المعنى أنهم فريق في الجنة وفريق في السعير، بين ذلك ببيان عاقبة سببه في جواب من كأنه قال : إلى أين يتفرقون ؟ قائلاً :﴿من كفر﴾ أى منهم فعلم شيئاً ﴿فعليه﴾ أي لا على غيره ﴿كفره﴾ أي وباله، وعلى أنفسهم يعتدون ولها يهدمون فيصيرون في ذلك اليوم إلى النار التي هم بها مكذبون، ومن كان عليه كفره الذي أوبقه إلى الموت، فلا خلاص له فيما بعد الفوت، ووحد الضمير رداً له على لفظ مننصاً على أن كل واحد مجزيّ بعمله لا المجموع من حيث هو مجموع، وإفهاماً لأن الكفرة قليل وإن كانوا أكثر من المؤمنين، لأنهم لا مولى لهم، ولتفرق كلمتهم ﴿تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى﴾ [الحشر : ١٤] ولأنه لا اجتماع بين أهل النار ليتأسى بعضهم ببعض، بل كل منهم في شغل شاغل عن معرفة ما يتفق لغيره ﴿ومن عمل صالحاً﴾ أي
٦٣٣


الصفحة التالية
Icon