ولما كان ذلك كناية عن إيغالهم في الكفر، بينه ببيان أن المراد موت القلب وصممه وعماه لا الحقيقي بقوله :﴿إن﴾ أي ما ﴿تسسمع إلا من يؤمن﴾ أي يجدد إيمانه مع الاستمرار مصدقاً ﴿بآياتنا﴾ أي فيه قابلية ذلك دائماً، فهو يذعن للآيات المسوعة، ويعتبر بالآيات المصوعة، وأشار بالإفراد في الشرط إلى أن لفت الواحد عن رأيه أقرب من لفته وهو مع غيره، وأشار بالجمع في الجزاء إلى أن هذه الطريقة إن سلكت كثر التابع فقال :﴿فهم﴾ أي فتسبب عن قبولهم أنهم ﴿مسلمون﴾ أ منقادون للدليل غاية الانقياد غير جامدين مع التقليد.
ولما دل سبحانه على قدرته على البعث بوجوه من الدلالات، تارة في الأجسام، وتارة في القوى، وأكثر على ذلك في هذه السورة من الحجج البينات، وختم لأنه لا يبصر هذه البراهين إلا مَنْ حسنت طويته، فلانت للأدلة عريكته، وطارت في فيافي المقادير بأجنحة العلوم فكرته ورويته، وصل بذلك دليلاً جامعاً بين القدرة على الأعيان والمعاني أبداء وإعادة، ولذلك لفت الكلام إلى الاسم الجامع ولفته إلى الخطاب للتعميم والاستعطاف بالتشريف، فقال مؤكداً إشارة إلى أن ذلك دال على قدرته على البعث ولا وهم ينكرونها، فكأنهم ينكرونه، فإنه لا انفكالط لأحدهما عن الآخر :﴿الله﴾ أي الجامع لصفات الكمال وحده.
ولما كان تعريف الموصول ظاهراً غير ملبس، عبر به دون اسم الفاعل فقال ﴿الذي خلقكم﴾ أي من العدم.
ولما كان محط حال الإنسان وما عليه أساسه وجبلته الضعف، وأضعف ما يكون في أوله قال :﴿من ضعف﴾ أي مطلق - بما اشارت غليه قراءة حمزة وعاصم بخلاف عن حفص بفتح الضاد، وقوى بما أشارت إليه قراءة الباقين بالضم، أو من الماء المهين إلى ما شاء الله من الأطوار، ثم ما شاء الله من سن الصبي.