سورة الأنبياء
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٢
﴿بسم﴾ الحكيم العدل الذي تمت قدرته وعم أمره ﴿الله﴾ الملك الذي لا كفوء له ﴿الرحمن﴾ الذي ساوى بين خلقه في رحمة إيجاده ﴿الرحيم*﴾ الذي ينجي من شاء من عباده في معاده.
لما ختمت طه بإنذارهم بأنهم سيعلمون الشقي والسعيد، وكان هذا العلم تارة يكون في الدنيا بكشف الحجاب بالإيمانن وتارة بمعانية ظهور الدينن وتارة بإحلال العذاب بإزهاق الورح بقتل أو غيره، وتارة ببعثها يوم الدين، افتتحت هذه بأجلى ذلك وهو اليوم الذي يتم فيه كشف الغطاء فينتقل فيه الخبر من علم اليقين إلى عين اليقين وحق اليقين وهو يوم الحساب، فقال تعالى :﴿اقترب للناس﴾ أي عامة أنتم وغيركم ﴿حسابهم﴾ أي في يوم القيامة ؛ وأشلر بصيغة الافتعال إلى مزيد القرب لأنه لا أمة بعد هذه ينتظر أمرها، وأخر الفاعل تهويلاً لتذهب النفس في تعيينه كل مذهب، ويصح أن
٦٣
يراد بالحساب الجزاء، فيكون ذلك تهديداً بيوم بدر والفتح ونحوهما، ويكون المراد بالناس حينئذ قريشاً أو جميع العرب، والحساب : إحصاء الشيء والمجازاة عليه بخير أو شر ﴿وهم﴾ أي الحال أنهم من أجل ما في جبلاتهم من النوس، وهو الاضطراب الموجب لعدم الثبات على حالة الأمن، أنقذه الله منهم من هذا النقص وهم قليل جداً ﴿في غفلة﴾ فهي تعليل لآخر تلك على ما تراه، لأنهم إذا نشروا علموت، وإذا أبادتهم الوقائع علموا هم بالموت، ومن بقي منهم بالذل المزيل لشماخة الكبر، أهل الحق من أهل الباطل، وقوله :﴿معرضون*﴾ كالتعليل للغفلة، أي أحاطت بهم الغفلة بسبب إعراضهم عما يأتيهم منا، وسيأتي ما يؤيد هذا في قوله آخرها ﴿بل كنا ظالمين﴾ وإلا فالعقول قاضية بأنه لا بد من جزاء المحسن والمسيء.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٣


الصفحة التالية
Icon