في أمر قريش ومن قبل ما الكلام بسبيله، وقد تضمنت هذه السورة إلى ابتداء قصة إبراهيم عليه السلام من المواعظ والتنبيه على الدلالات وتحريك العباد إلى الاعتبار بها مايعقب لمن اعتبر به التسليم والتفويض لله سبحانه والصبر علىالابتلاء وهو من مقصود السورة، وفي قوله ﴿ثم صدقناهم الوعد فأنجناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين﴾ [الأنبياء : ٩] إجمال لما فسره النصف الأخير منهذه السورة من تخليص الرسل عليهم السلام من قومهم وإهلاك من أسرف وأفك ولم يؤنم، وفي ذكر تخليص الرسل وتأييدهم الذي تضمنه النصف الأخير من لدن قوله ﴿ولقد ءاتينا ابراهيم رشده﴾ [الانبياء : ٥١] إلى آخر السورة كمال الغرض المتقدم من التأنيس وملاءمة ما تضمنته سورة طه وتفسير لمجمل ﴿وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً﴾ [مريم : ٩٨] انتهى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٣
ولما أخبر سبحانه عن غفلتهم وإعراضهم، علل ذلك بقوله :﴿ما يأتيهم﴾ وأعرق في النفي بقوله : من ﴿ذكر﴾ أي وحي يذكر بما جعل في العقول من الدلائل عليه سبحانه ويوجب الشرف لمن أتبعه ﴿من ربهم﴾ المحسن إليهم بخلقهم وتذكيرهم، قديم لكونه صفة له ﴿محدث﴾ إنزاله ﴿إلا استمعوه﴾ أي قصدوا سماعه وهو أجد الجد بالاستهزاء به ووضعه في غير مواضعه وجعلهم استماعهم له لإرادة الطعن فيه، فهو قريب من قوله ﴿لا تسمعوا لهذا القرآن والغو فيه﴾ [فصلت : ٢٦] ﴿لا هية قلوبهم﴾ أي غارقة قلوبهم في اللهو، مشغولة به عما حداها إليه القرآن، ونبهها عليه الفرقان، وحذرها منه البيان، -انتهى.
ويمكن أن يراد بالناس مع هذا كله العموم ويكون من باب قوله تعالى ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ [الأنعام : ٩١] وقوله ﷺ "لا أحصي ثناء عليك" وأن يخص بالكفار.