ولما كانوا يصفون الملائكة بما لهم الويل من وصفه، خصهم بالذكر معبراً عن خصوصيتهم وقربهم بالعندية تمثيلاً بما نعرف من أصفياء الملوك عند التعبير بعند من مجرد القرب في المكانة لا في المكان فقال :﴿ومن عنده﴾ أي هم له حال كونهم ﴿لا يستكبرون عن عبادته﴾ بنوع كبر طلباً ولا إيجاد ﴿ولا يستسحرون*﴾ أي ولا يطلبون أن يتقطعوا عن ذلك فأنتج ذلك قوله :﴿يسبحون﴾ أي ينزهون المستحق للتنزيه بأنواع التنزيه من الأقوال والأفعال التي هي عبادة، فهي مقتضية مع نفي النقائص إثبات الكمال ﴿اللّيل والنهار﴾ أي في جميع آنائهما دائماً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٧٢
ولما لم يصرح هنا بإنكار منهم، ولا ما يستلزه من الاستكبار، لم يؤكد لا عطف بالواو فقال :﴿لا يفترون*﴾ عن ذلك في الوقت من الأوقات بخلاف ما في ﴿فصلت﴾ فإن الأمر فيها مبني على حد استكبارهم المستلزم نكارهم المقتضي للتأكيد، وكل هذا في حيز ﴿إذا﴾ أي إذا أنزلنا شيئاٍ من القرآن منبهاً على أقاويلكم مبيناً لأباطيلكم، فاجأه ظهور الزهوق للباطل، والويل لكم والملك له سبحانه منزهاً عن كل نقص ثابتاً له بالعبادة عن كل كما، ويجوز أن يعطف على ﴿نقذف﴾.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٧٢
٧٤
ولما كانوا عند هذا البيان جديرين بأن يبادروا إلى التوحيد فلم يفعلوا، كانوا حقيقين بعد الإعراض عنهم - بالتوبيخ والتهكم والتعنيف فقال تعالى :﴿أم اتخذوا﴾ أي أعملوا أن ك لشيء تحت قهره نافذ فيه أمره فرجعوا عن ضلالهم، أم لم يعلموه، أو عملوا ما ينافيه فاتخذوا ﴿ءالهة﴾.