ولما كان ما يعرفون من السقوف على صغرها لا تثبت إلا بالعمد، ويتمكن منه المفسدون، وتحتاج كل قليل إلى إصلاح وتعهد، بين أن هذا السقف عاة سعته وعلوه على غير ذلك فقال :﴿محفوظاً﴾ أي عن السقوط بالقدرة وعن الشياطين بالشهب، فذكّر باعتبار السقف، وأشار إلى كثرة ما حوى من الآيات مؤنثاً باعتبار السماء أو العدد الدال عليه الجنس، لأن العدد أولى بالدلالة على كثرة الآيات والنجوم مفرقة في الكل فقال :﴿وهم﴾ أي أكثر الناس ﴿عن ءاياتها﴾ أي من الكواكب الكبار والصغار، والرياح والأمطار، وغير ذلك من الدلائل التي تفوت الانحصار، أي الدالة على قدرتنا على كل ما نريد من البعث وغيره وعلى عظمتنا بالتفرد بالإلهية وغير ذلك من أوصاف الكمال، من الجلال والجمال ﴿معرضون*﴾ لا يتفكرون فيما فيها من التسيير والتدبير بالمطالع والمغارب والترتيب القويم الدال على الحساب الدائر عليه سائر المنافع.
ولما ذكر السماء، ذكر ما ينشاء عنها فقال :﴿وهو﴾ أي لا غيره ﴿الذي خلق الّيل والنهار﴾ ثم أتبعهما آيتيهما فقال :﴿والشمس﴾ التي هي آية النهار وبها وجوده ﴿والقمر﴾ الذي هو آية الليل.
ولما ذكر أعظم آياتها فأفهم بقية الكواكب، استأنف لمن كأنه قال : هل هي كلها في سماء واحدة ؟ :﴿كل﴾ أي من ذلك ﴿في فلك﴾ فكأنه قيل : ماذا تصنع ؟ فقيل تغليباً لضمير العقلاء.
ونقلهم إليها :﴿يسبحون*﴾ أي كل واحد يسبح في الفلك الذي جعل به.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٨١
ولما ذكر الصارم البتار، للأعمار الطوال والقصار، من الليل والنهار، كان كأنه
٨١


الصفحة التالية
Icon