ولما كان الإتيان على ضروب شتى، بيّنه بقوله :﴿ننقصها من أطرافها﴾ بقتل بعضهم وردّ من بقي عن دينه إلى الإسلام، فهم في نقص، وأولياؤنا في زيادة.
ولما كانت مشاهدتهم لهذا مرة بعد مرة قاضية بأنهم المغلبونن تسبب عنه إنكار غير ذلك فقال :﴿افهم﴾ أي خاصة ﴿الغلبون*﴾ أي مع مشاهدتهم لذلك أم أولياؤنا.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٨٥
٨٦
ولما تبين الخلف في قولهم على كثرته وادعائهم الحكمة والبالغة، وفعلهم على كثرتهم وزعمهم القوة والشجاعة، ثبت أن أقواله الناقصة لذلك من عند الله بما ثبت من استقامة معانيها وإحكامها، بعدما اتضح من إعجاز نظومها وحسن التئامها، فأمره أن يبين لهم ذلك بقواه :﴿قل إنما أنذركم﴾ أيها الكفار ﴿بالوحي﴾ أي الآتي يه الملك عن الله فلا قدح في شيء من نظمه ولا معناه والحال أنكم لا تسمعون - على قراءة الجماعة والحال أنك لا تسمعهم - على قراءة ابن عامر بضم الفوقانية وكسر الميم ونصب الصم خاصة، ولكنهم لما كانوا لا ينتفعون بإنذاره لتصامّهم وجعلهم أصابعهم في آذانهم قت الإنذار عدهم صماً، وأظهر الوصف لتعليق الحكم به من العذاب إلا إذا كان قوياً على دفعه.
بيّن أنهم على غير ذلك فقال :﴿ولئن﴾ أي لا يسمعون والحال أنه لا قوة بهم، بل إن ﴿مستهم﴾ أي لاقتهم أدنى ملاقاة ﴿نفحة﴾ أى رائحة يسيرة مرة من المرات ﴿من عذاب ربك﴾ المحسن إليك بنصرك عليهم ﴿ليقولن﴾ وقد أذهلهم أمرها عن نخوتهم.
وشغلهم قدرها عن كبرهم وحميتهم :﴿يا ويلنا﴾ الذي لا نرى الآن بحضرتنا غيره ﴿إنا كنا﴾ أي بما لنا مما هو في ثباته كالجبلات ﴿ظالمين*﴾ أي عريقين في الظلم في إعراضنا وتصامّنا ترفقاً وتذللاً لعله يكف عنهم.