ةأضافة إليه إشارة إلى أنه رشد يليق به على علو مقامه وعظم شأنه لا جرم ظهر عليه أثر ذلك من بين أهل ذلك الزمان كلهم فآثر الإسلام على غيره من الملل ﴿من قبل﴾ أي قبل موسى وهارون عليهما السلام ﴿وكنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿به﴾ ظاهراً وباطناَ ﴿عالمين﴾ بأنه جبلة خير يدوم على الرشد ويترقى فيه إلى أعلى درجاته لما طبعناه عليه بعظمتنا من طبائع الخير ؛ وتعليقُ ﴿إذ قال﴾ أي إبراهيم ﴿لأبيه وقومه﴾ بـ ﴿عالمين﴾ إشارة إلى أن قوله لما كلن بإذن منا ورضى لنا نصرناه - وهو وحده - على قومه كلهم، ولو لم يم=كن يرضينا لمنعانه منه بنصر قومه عليه وتمكين النار منه، فهو مثل ما مضى في قوله ﴿قل ربي يعلم القول في السماء والأرض﴾ ومفهوم هذا القيد لا يضر لأنه لا يحصي ما ينفيه من المنطوقات، وإن شئت فعلقة بـ ﴿أيانتا﴾ ؛ ثم ذكر مقول القول في قوله منكراً عليهم محقراً لأصنامهم في أسوب التجاهل لإثبات دعوى جهلهم بدليل :﴿ما هذه التماثيل﴾ أي الصور التي صنعتموها مماثلين بها ما فيه روح، جاعلين بها ما لا يمون إلا لمن لا مثل له، وهي الأصنام ﴿التي أنتم لها﴾ أي لأجلها وحدها، مع كثرة ما يشابهها وما هو أفضل منها ﴿عاكفون*﴾ أي موقعون الإقبال عليها مواظبرون على ذلك، فبأي معنى استحقت منكم هذا الاختصاص، وإنما هي مثال للحي في الصورة وهو أعلى منها بالحياة التي أفاضها الله عليه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٨٩
ولما أتاهم بهذا القاصم، استأنف الخبر سبحانه عن جوابهم بقوله :﴿قالوا﴾
٩٠
مسوين أنفسهم بالبهائم التي تقاد ولا علم بما قيدت له :﴿وجدنا ءاباءنا لها﴾ خاصة ﴿عابدين*﴾ فاقتدينا بهم لا حجة لنا غير ذلك.


الصفحة التالية
Icon