وفيها أيضاً أنها تدل على رجوع التسبب باطناً، فكأنها إشارة إلى أنه بعد أن تسبب في ردهم عن عبادتها ظاهراً بما خاطبهم به، تسبب من ذلك ثانياً باطناً بإفسادها ﴿لأكيدن﴾ أمد لأنه مما ينكر لشدة عسره ؛ والكيد : الاحتيال في الضرر ﴿أصنامكم﴾ أي هذه التي عكفتم عليها ناسين الذي خلقكم وإياها، أي لأفعلن بها ما يسوكم بضرب من الحيلة.
ولما كان عزمه على إيقاع الكيد في جميع الزمان الذي يقع فيه توليهم في أيّ جزء تيسر له منه، أسقط الجارّ فقال :﴿بعد أن تولوا﴾ أي توقعوا التولي عنهان وحقق مراده بقوله :﴿مدبرين*﴾ لأنزلكم من الدليل العقلي على تحقيق الحق إذ لم تكونوا من أهله إلى الدليل الحسي على إبطال الباطل.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩١