ولما أثبت أن معبوداتهم هذه في حيز العدم، فكانوا لعبادتها دونها، استأنف تبكيتهم لذلك بأعلى كلمات التحقير التي لا تقال إلا لما هو غاية في القذارة فقال :﴿أف﴾ أي تقذر وتحقير مني، وفي الأحقاف ما يتعين استحضاره هنا، ثم خص ذلك بهم بقوله :﴿لكم ولما تعبدون﴾ ولما كانت على وجه الإشراك، وكانت جميع الرتب تحت رتبته تعالى، وكانت أصنامهم هذه في رتب منها سافلة جداً أثبت الجار فقال :﴿من دون الله﴾ أي الملك الأعلى لدناءتكم وقذارتكم.
ولما تسبب عن فعلهم هذا وضوح أنه لا يقربه عاقل، أنكر عليهم ووبخهم على
٩٤
ترك الفكر تنبيهاً على أن فساد ما هم عليه يدرك ببديه العقل فقال :﴿أفلا تعقلون*﴾ أي وأنتم شيوخ قد مرت بكم الدهور وحنكتكم التجارب.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩٣