ولما أولد له في حال شيخوته وعجزا امرأه مع كونها عقيماً، وكان ذلك دالاً على الاقتدار على البعث الذي السياق كله له، قال :﴿ووهبنا﴾ دالاً على ذلك بنون العظمة ﴿له اسحق﴾ أي من شبه العدم، وترك شرح حاله لتقدمه، أي فكان ذلك دالاً على اقتدارنا على ما نريد لا سيما من إعادة الخلق في يوم الحساب ؛ ولما كان قد يظن أنه - لتولده بين شيخ فانٍ وعجوز مع يأسها عقيم - كان على حالة من الضعف، لا يولد لمثله معها، نفى ذلك بقوله :﴿ويعقوب نافلة﴾ أي ولد إسحاق زيادة على ما دعا به إبراهيم عليهما السلام ؛ ثم نمى سبحانه أولاد يعقوب - وهو إسرائيل - وذرياتهم إلى أن ساموا النجوم عدة، وباروا الجبال شدة ﴿وكلاً﴾ من هؤلاء الأربعة ؛ وعظم رتبتهم بقوله :﴿جعلنا صالحين*﴾ أي مهيئين - لطاعتهم لله - لكل ما يريدونه أو يرادون له أو يراد منهم، وهذا إشارة إلى أن العاصي الهالك، لا يصلح لشيء وإن طال عنره، واشتد أمره، لأن العبرة بالعاقبة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩٣
٩٧
ولما ذكر أنه أعطاهم رتبة الصلاح في انفسهم، ذكر أنه أعطاهم رتبة الإصلاح لغيرهم، فقال معظماً لإمامتهم :﴿وجعلناهم أئمة﴾ أي أعلاماً ومقاصد يقتدى بهم في الدين بما أعطاهم من النبوة.
ولما كان الإمام قد يدعو إلى الردى، ويصد عن الهدى، إذا كانت إمامته ظاهرة لا يصحبها صلاح باطن، تحترز عن ذلك بقوله :﴿يهدون﴾ أي يدعون إلينا من وفقناه للهداية ﴿بأمرنا﴾ وهو الروح الذي هو العمل المؤسس على العلم بإخبار الملائكة به عنا، ولإفهام ذلك عطف عليه قوله معظماً لوحية إليهم :﴿وأوحينا إليهم﴾ أي أيضاً ﴿فعل﴾ أي أن يفعلوا ﴿الخيرات﴾ كلها وهي شرائع الدين، ولعله عبر بالفعل دلالة على أنهم امتثلوا كل ما أوحي إليهم.
ولما كانت الصلاة أم الخيرات، خصها بالذكر فقال :﴿وإقام الصلاة﴾ قال الزجاج : الإضافة عوض عن تاء التأنيث.