يعني فيكون من الغالب لا من القليل، وكان سر الحذف تعظيم الصلاة لأنها مع نقصها عن صلاتنا - لما أشار إليه الحذف - بهذه المنزلة من العظمة فما الظن بصلانتا.
ولما كانت الصلاة بين العبد والحق، وكان روحها الإعراض عن كل فان، عطف عليها قوله :﴿وإيتاء الزكاة﴾ أي التي هي مع كنها إحساناً إلى الخلق بما دعت الصلاة إلى الانسلاخ عنه من الدنيا، ففعلوا ما أوحيناه إليهم ﴿وكانوا لنا﴾ دائماً جبلة وطبعاً ﴿عابدين*﴾ أي فاعلين لكل ما يأمرون به غيرهم، فعل العبد مع ملاه من كل ما يجب له من الخدمة، ويحق له من التعظيم والحرمة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩٧
ولما كان سبحانه قد سخر لصديقه لوط عليه السالم إهلاك من عصاه في أول المر بحجارة الكبريت التي هي من النار، وفي آخره بالماء الذي هو اقوى من النار، تلاه به فقال :﴿ولوطاً﴾ أي وآتيناه أو واذكر لوطاً ؛ ثم استأنف قوله :﴿ءاتيناه﴾ أي بعظمتنا ﴿حكماً﴾ أي نبوة وعملاً محكماً بالعلم ﴿وعلماً﴾ مزيناً بالعمل ﴿ونجيناه﴾ بانفرادنا بالعظمة.
ولما كانت مادة " قرا " تدل على الجمع، قال :﴿من القرية﴾ المسماة سدوم، أي من عذابهم وجميع شرورهم، وأفرد تنبيهاً على عمومها بالقلع والقلب وأنه كان في غاية السهولة والسرعة، وقال أبو حيان : وكانتسبعاً، عبر عهنا بالواحدة لاتفاق أهلها على الفاحشة.
﴿التي كانت﴾ قبل إنجائنا له منها ﴿تعمل الخبائث﴾ بالذكران، وغير ذلك من الطغيان، فاستحقوا النار التي أمر المؤلفات، بما ارتكبوا من الشهوة المححظورة لعدهم لها الملذذات، والغمر بالماء القذر المنتن الذي جعلناه - مع أنا جعلنا من
٩٨
الماء كل شيء حي - لا يعيش فيه حيواناً، فضلاً عن أن يتولد منه، ولا ينتفع به، لما خامروا من القذر الذي لا ثمرة له.


الصفحة التالية
Icon