ولما كان في هذا إشارة إلى إهلاك القرية، وأن التقدير : ودمرنا عليهم بعد انفصاله عنهم، علله بقوله :﴿إنهم كانوا﴾ أى بما جلبوا عليه ﴿قوم سوء﴾ أي ذوي قدرة على الششر بانهماكهم في الأعمال السيئة ﴿فاسقين*﴾ خارجين من كل خير، ثم زاد الإشارة وضوحاً بقوله :﴿وأدخلناه﴾ أي دونهم بعظمتنا ﴿في رحمتنا﴾ أي في الأحوال السنية، والأقوال العلية، والأفعال الزكية، التي هي سبب الرحمة العظمى ومسببة عنها ؛ ثم علل ذلك بقوله :﴿إنه من الصالحين*﴾ أي لما جلبناه عليه من الخير.
ولما أتم سبحانه قصة لوط المناسبة لقصة الخليل عليهما السلام بحجارة الكبريت، لقصة نوح عليه السلام بالماء الذي غمرت به قراه السبع، أتبع ذلك قصة نوح عليه السلام الذي سخر له من الماء مل لم يسخره لغيره لغمره جميع الأرض دانيها وقاصيها، واطيها وعاليها، فقال :﴿ونوحاً إذ﴾ أي اذكره حين ﴿نادى﴾ أي دعا ربه ﴿إني مغلوب فانتصر﴾ [القمر : ١٠] و﴿لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً﴾ [نوح : ٢٦] ونحوه من الدعاء.
ولما كان دعاؤه لم يستغرق الأزمنة الماضية، أثبت الجالر فقال :﴿من قبل﴾ أي من قبل لوط ومن تقدمه ﴿فاستجبنا﴾ أي أردنا الإجابة وأوجدناها بعظمتنا ﴿له﴾ في ذلك النداء ؛ ثم سبب عن ذلك قوله :﴿فنجيناه﴾ أي بعظمتنا تنجية عظيمة ﴿وأهله﴾ الذين أدام ثباتهم على الإسلام وصلتهم به ﴿من الكرب العظيم*﴾ من الأذى والغرق ؛ قال أبو حيان : والكرب : أقصى الغم، والأخذ بالنفس، وهو هنا الغرق، عبر عنه بأول أحوال ما يأخذ الغريق.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩٧
ونصرناه﴾ أي مخلصين له ومانعين ومنتقمين ﴿من القوم﴾ أي المتصفين بالقوة ﴿الذين كذبوا﴾ أي أوقعوا التكذيب له ﴿بآيتنا﴾ أي بسبب إتيانه بها، وهي من العظمة على أمر لا يخفى.