ولما كان قد علم مما مضى من القرآن لحامله المعتني بتفهم معانيه، ومعرفة أخبار من ذكر فيه، أنه من بني إسرائيل، وأن قراره بالأرض المقدسة فكان من المعلوم أنه يجريها إلى غيره، وكان الحامل إلى مكان ربما تعذر عوده مع المحمول، عبر بحرف الغاية ذاكراً محل القرار دلالة علىأنها كما تحمله ذهاباً إلىحيث أراد من قاص ودان - تحمله إلى قراره اياماً فقال :﴿ألى الارض التي باركنا﴾ أي بعزتنا ﴿فيها﴾ وهي الشام ﴿وكنا﴾ أي أزلاً وأبداً بإحاطة العظمة ﴿بكل شي﴾ من هذا وغيره من أمره وغيره ﴿عالمين*﴾ فكنا على كل شيء قادرين، فلولا رضانا به لغيرناه عليه كما غيرنا على من قدمنا أمورهم، وهذا من طراز ﴿قل ربي يعلم القول﴾ كما مضى، وتسخير الريح له كما سخرت للنبي ﷺ ليالي الأحزاب، قال حذيفة رضي الله عنه : حتى كانت تقذفهم بالحجارة، ما تجاوز عسكرهم فهزمهم الله بها وردوا بغيظهم لم ينالو خيراً.
وأعم من جميع ما أعطى الأنبياء عليهم السلام أنه أعطى ﷺ التصرف في العالم العلوي الذي
١٠٢
جعل سبحانه من الفيض على العالم السفلي بالاختراق لطباقة بالإسراء تارة، وبإمساك المطر لما دعا بسبع كسبع يوسف، وبإرساله اخرى كما في أحاديث كثيرة، وأتي مع ذلك بمفاتيح خزائن الأرض كلها فردها صلى الله عليه وسلم.