أي كافة، ويجوز أن يراد المنكر فقط، وعبر بالناس الذي هو من أسفل الأوصاف لذلك، وإشارة إلى أن المنكر والعامل عمله - وإن كان مصدقاً - هم أكثر الناس، وعبر بأداة الشك إشارة إلى أن الذي يقتضيه الحال جزمهم به فقال :﴿إن﴾ وبين أنه ما عبر به إلا للتوبيخ، لا للشك في أمرهم، بجعل الشرط ماضياً، ودل بـ " كان " وبالظرف على ما تمكن الريب منهم فقال :﴿كنتم في ريب﴾ أي شك وتهمة وحاجة إلى البيان ﴿من البعث﴾ وهو قيام الأجسام بأرواحها كما كانت قبل مماتتها سواء، استعظاماً لأن نقدر عليه ﴿فإنا خلقناكم﴾ بقدرتنا التي لا يتعاظمها شيء ﴿من تراب﴾ لم يسبق له اتصاف بالحياة ﴿ثم من نطفة﴾ حالها ابعد شيء عن حال التراب، فإنها بيضاء سائلة لزجة صافية كما قال ﴿من ماء دافق﴾ واصلها الماء القليل - قاله البغوي.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٢٩
وأصل النطف الصب - قاله البيضاوي.
﴿ثم من علقة﴾ أي قطعة دم حمراء جامدة، ليس فيها أهلية للسيلان ﴿ثم من مضغة﴾ أي قطعة لحم صغيرة جداً تطورت إليها النطفة ﴿مخلقة﴾ بخلقة الآدمي التمام ﴿وغير مخلقة﴾ أي أنشأناكم من تراب يكون هذا شأنه، وهو أنا ننقله في هذه الأطوار إلى أن يصير مضغة، فتارة يخلقها ويمون منها آدمياً، وتارة لا يخلقها بل يخرجها من الرحم فاسدة، أو تحرقها حرارته، أو غير مخلقة تخليقاً تاماً بل ناقصاً مع وجود الروح كشق الذي كان شق آدمي، وسطيح الذي كان علواً بلا سفل ونحوهما ﴿لنبين لكم﴾ كمال قدرتنا، وتمام حكمتنا، وأن ذلك ليس كائناً عن الطبيعة، لأنه لو كان عنها لم يختلف، فدل اختلافه على أنه عن فاعل مختار، قادر قهار، وحذف المفعول إشارة إلى أنه يدخل فيه كل مل يمكن أن يحيط به العقول.