ولما : ان التقدير : فنجهض منه مل لا نشاء إتمامه، عطف عليه قوله :﴿ونقر في الأرحام﴾ أي من ذلك الذي خلقناه ﴿ما نشاء﴾ إتمامه ﴿إلى أجل مسمى﴾ قدرناه لإتمامه ما بين ستة أشهر إلى ما نريد من الزيادة على ذلك، بحسب قوة الأرحام وضعفها، وقوة المخلقات وضعفها وكثرة ما تغتذيه من الدماء وقلته، وزكائه وخبثه، إلى غير ذلك من أحوال وشؤون لا يعلمها إلا بارئها، جلت قدرته، وتعالت عظمته، وأما ما لم نشأ إتمامه فإن الأرحام تمجه بقدرتنا وتلقيه دون التمام أو تحرقه فيضمحل ﴿ثم نخرجكم﴾ بعد ذلك ﴿طفلاً﴾ أي في حال الطفولة من صغر الجثة وضعف البدن والسمع والبصر وجميع الحواس، لئلا تهلكوا أمهاتكم بكبر أجرامكم، وعظم أجسامكم، وهو يقع على جميع، وعبر به دونه للتساوي في ضعف الظاهر والباطن.
ولما ذكر أضعف الضعف ذكر أقوى القوة عاطفاً له عليه لما بينهما من المهلة بأداة التراخي فقال :﴿ثم﴾ أي نمد أجلكم ﴿لتبلغوا﴾ بالانتقال في أسنان الأجسام فيما بين
١٣٣
الرضاع، إلى حال اليفاع، إلى زمان الاحتلام، وقوة الشباب والتمام ﴿أشدكم﴾ أي نهاية كل شدة قدرناه لكل واحد منكم ﴿ومنكم من يتوفى﴾ قبل ما بعد ذلك من سن الشيخوخة ﴿ومنكم من يرد﴾ بالشيخوخة، وبناه للمجهول إشارة إلى سهولته عليه مع استبعاده لولا تكرر المشاهدة عند الناظر لتلك القوة والنشاط وحسن التواصل بين أعضائه والارتباط ﴿إلى أرذل العمر﴾ وهو سن الهرم فينقص جميع قواه ﴿لكيلا يعلم﴾.


الصفحة التالية
Icon