ولما تقدم العكوف فاستغنى عن إعادته، قال :﴿والقائمين﴾ أي حوله تعظيماً لي كما يفعل حل عرشي، أو في الصلاة، ولأن العكوف بالقيام أقرب إلى مقصود السورة.
﴿والركع﴾ ولما كان كل من الطواف والقيام عبادة برأسه، ولم يكن الركوع والسجود كذلك، عطف ذاك، واتبع هذا لما بينهما من كمال الاتصال، إذ لا ينفك أحدهما عن الآخر في الصلاة فقال :﴿السجود*﴾ أي المصلين صلاة أهل الإسلام الأكمل ﴿وأذن في الناس﴾ أى أعلمهم وناد فيهم ﴿بالحج﴾ وهو قصد البيت على سبيل التكرار لعبادة المخصوصة بالمشاعر المنصوصة ﴿يأتوك﴾ أي يأتوا بيتك الذي بنيته لذلك، مجيبين لصوتك بإذننا سامعين طائعين مخبتين خاشعين من أقطار الأرض كما يجيبون صوت الداعي من قبلنا إذا دعاهم بمثل ذلك بعذ الموت ﴿رجالاً﴾ أي مشاة على أرجلهم ﴿وعلى كل ضامر﴾ أى هزيل من طول السير من الإبل لبعد الشقة وعظم المشقة.
ولما كان الضامر يطلق على كل من الذكر والأنثى من الجمال، وكانت النثى أضعف النوعين، فكان الحكم عليها بالإتيان المذكور حكماً على الذكر الذي هو أشد بطريق الأولى، أسند إلى ضميرها فقال معبراً بما يدل على التجدد والاستمرار، واصفاً الضوامر التي أفهمتها " كل " ﴿يأتين﴾ أي الضوامر ﴿من كل فج﴾ أي طريق واسع بين جبلين ﴿عميق*﴾ أى بعيد منخفض بالنسبة إلى علو جباله.
قال أبو حيان : أصله البعد سفلاً - انتهى.