ولما كان افنسان ميالاً إلى الفوائد، مستشرقاً إلى جميل العوائد، علل الإتيان بما يرغبه مبيحاً من فضله ما يقصده من أمر المعاش فقال :﴿ليشهدوا﴾ أى يحضروا حضوراً تاماً ﴿منافع لهم﴾ أي لا للمعبود، دينية ودنيوية، فإنه كما جعل سبحانه تلك المواطن ماحية للذنوب، جالبة للقلوب، جعلها جالبة للفوائد، جارية على أحسن العوائد، سالمة للفقر ججابرة للكسر، ولما كانت المنافع لا تطيب وتمثر إلا بالتقوى كان الحامل على التقوى لذكر قال :﴿ويذكروا اسم الله﴾ أي الجامع لجميع الكمالات بالكبير وغيره عند الذبح وغيره، إعلاماً بأنه المقصود الذي يتبعه جميع المقاصد لأنه ما جمعهم على ما فيه من تلك الأرض الغراء والأماكن الغبراء إلا هو بقدرته الكاملة، وقوته الشاملة، لا اسم شيء من الصنام كما كانت الجاهلية تفعل ﴿في أيام معلومات﴾ أى علم أنها أول عشر في ذي الحجة الذي يوافق اسمه مسماه، لا ما سموه به ومسماه غيره على ما حكم به النسيء، وفي هذا إشارة إلى أن المراد به الإكثار إذ مطلق الذكر مندوب إليه في كل وقت، وفي التعبير بالعلم إشارة إلى وجوب استفراغ الجهد بعد القطع بأن الشهر ذو الحجة اسماً ومسمى في تحرير أوله، أما أيام التشويق فإنها لما كانت مبنية عل العلم بأمر الشهر الذي أمر به هنا، فأنتج العلم بيوم العيد، لم يحتج في أمرها إلى غير العد فلذا عبر عنها به دون العلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤٦


الصفحة التالية
Icon