ولما كانت النعم أجل أموالهم، قال تعالى مرغباً لهم ومرهباً :﴿على﴾ أي مبركين بذكره وحامدين على ﴿ما رزقهم﴾ ولو شاء محقه ﴿من بهيمة﴾ ولما كانت البهيمة مبهمة في كل ذات أربع في البر والبحر، بينها بقوله :﴿الأنعام﴾ من الإبل والبقر والغنم بالتكبير عند رؤيته، ثم عند ذبحه، وفيه حث على التقرب بالضحايا، والهدايا، ولذلك التفت إلى الإقبال عليهم، وتركيب " لهم " يدور على الاستعجام والخفاء والانغلاق وعدم التمييز، وتركيب " نعم " على الرفاهية والخفض والدعة.
ولما ذكر سبحانه العبادة فخاطب بها إبراهيم عليه الصلاو والسلام، تنبيهاً على أنها لعظم المعبود لا يقوم بها على وجهها إلا الخلص، أقبل على العابدين كلهم بالإذن في ما يسرهم من منحة التمتيع، تنبيهاً على النعمة، حثاً على الشكر، فقال مبيناً عما اندرج في ذلك من الذبح :﴿فكلوا منها﴾ أي إن شئتم إذا تطوعتم بها ولا تمتنعوا كأهل الجاهلية، فالأكل من المتطوع به لا يخرجه عن كونه قرباناً في هذه الحنيفية السمحة منة على أهلها، تشريفاً انبيها ﷺ، والأكل من الواجب لا يجوز امن وجب عليه، لأنه إذا أكل منه ولم يكن مخرجاً لما وجب عليه بكماله ﴿وأطعموا البائس﴾ أي الذي اشتدت حاجتهن من بئس كسمع إذا سات حاله وافتقر، وبين أنه من ذلك، لا من بؤس - ككرم
١٤٨